فصل: فصل في الأمر باليد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


باب تفويض الطلاق

‏(‏قوله‏:‏ وقدمنا أنه مما تمحض للجواب‏)‏ الضمير عائد على قوله اختاري

‏(‏قوله‏:‏ لأنه لا يصح تعليق الإجازة‏.‏ إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ فرق ما بين الضمني، والقصدي، وقد أجازوا القضاء على الغائب ضمنا ومنعوه قصدا

‏(‏قوله‏:‏ ولو قالت اخترت نفسي لا بل زوجي يقع‏)‏ قال في النهر وما في الاختيار من أنه لا يقع لأنه للإضراب عن الأول سهو ا هـ‏.‏ وسينبه عليه المؤلف في آخر هذا الباب

‏(‏قوله‏:‏ بخلاف الأول‏)‏ أي قولها طلقت لأنه صريح فلم تشترط فيه النية ولم تصح فيه نية الثلاث وكذا لو قالت‏:‏ حرمت عليك نفسي فقال الزوج أجزت كان كما في أبنت لكونه من الكنايات لكن هنا بدون نية الزوج يكون إيلاء، والفرق أن أجزت هنا بمنزلة حرمت وتحريم الحلال يمين بالنص، ولو قالت‏:‏ اخترت نفسي منك فقال الزوج أجزت ونوى الطلاق لا يقع شيء لأن قولها اخترت لم يوضع للطلاق لا صريحا ولا كناية ولا عرف إيقاع الطلاق به إلا إذا وقع جوابا لتخيير الزوج وكذا لو قالت قد جعلت الخيار إلي أو قد جعلت أمري بيدي فطلقت نفسي فقال الزوج أجزت من حيث إنه لا يقع شيء لكن يصير الخيار، والأمر بيدها إذا نوى الزوج الطلاق وإنما لم يقع الطلاق بقولها فطلقت نفسي إذا أجاز الزوج لأن الفاء للتفسير، والطلاق يصلح تفسيرا للتفويض، والعبرة في التفسير للمفسر بالفتح وهو الأمر فكانت مطلقة قبل صيرورة الأمر بيدها فيلغوا لفقد التمليك سابقا على التطليق بخلاف الواو لأنها للابتداء لا للتفسير فكانت آتية بأمرين يملك الزوج إنشاءهما وهما التفويض، والطلاق فإذا قال‏:‏ أجزت جاز الأمران فتطلق رجعية وتتخير في إيقاع أخرى بحكم التفويض الذي أجازه بخلاف ما مر من قولها اخترت إذا أجازه الزوج حيث لا يفيد شيئا ولم يتوقف على إجازة الزوج لأنه إنما يتوقف عليها ما يكون له إنشاؤه وهو التخيير كما في مسألتنا دون ما ليس له إنشاؤه كالاختيار‏.‏ وقوله‏:‏ ولم يستند‏.‏ إلخ جواب عما يقال لما قالت فطلقت بالفاء، وقال الزوج أجزت صار الأمر بيدها مستند إلى وقت الجعل فتبين أنها طلقت بعدما صار الأمر بيدها فوجب أن تطلق‏.‏ والجواب أن الجعل لم يستند بالإجازة لعدم قبوله ذلك لأنه عبارة عن مالكية التصرف، والتصرف في الماضي محال فكذا مالكيته فكان قولها سببا لمالكيتها أمرها عند الإجازة لا قبلها لأنه تصرف فضولي فيتوقف على الإجازة مطلقا وينفذ عندها لتعلق النفاذ بها ولهذا اعتبر تبدل المجلس في حق خروج الأمر من يدها بعد وجود الإجازة لا قبلها حتى لو قامت بعد الجعل قبل إجازة الزوج لا يبطل وكذا لا يعتد بوجود شرط الطلاق قبل الإجازة في تعليق الفضولي طلاق امرأة بدخول الدار فدخلت ثم أجاز لأن اليمين انعقدت عند الإجازة لا قبلها ولا بد للطلاق المعلق من وجود شرط مستأنف بعد الإجازة وهذا بخلاف البيع لأنه لما لم يقبل التعليق اعتبر سببا حال صدور عقد الفضولي حتى لو أجاز المالك البيع يثبت الملك للمشتري من وقت العقد فيستحق به الزوائد المتصلة، والمنفصلة‏.‏ وقوله‏:‏ كذا‏.‏ إلخ أي وكذا لو قالت المرأة‏:‏ جعلت أمس أمري بيدي فقال الزوج أجزت لا يقع، وإن زادت واخترت نفسي لكن يكون لها الخيار إذ نوى الطلاق، ولو قالت له قلت أمس أمري بيدي اليوم كله فقال أجزت لا يقع شيء ولا خيار لها، والفرق أن ذكر الوقت وهو أمس في الأولى لبيان وقت الجعل لا لتوقيت جعل الأمر بيدها فبقي الجعل مطلقا فكان موقوفا على الإجازة فكان اعتبار المجلس بعد الإجازة فلا يبطل بقيامها قبله أما هنا الوقت لتوقيت الأمر باليد فينتهي بمضي وقته لأن قولها قلت أمس‏.‏ إلخ بمنزلة قوله‏:‏ أمرك بيدك اليوم كله فلم يكن الأمر باليد موجودا وقت الإجازة بصفة التوقف فلغت الإجازة لفقده كذا في شرح الفارسي ملخصا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلبست ثوبا‏)‏ كذا في الفتح وقيده في النهر بكونها قاعدة وهكذا في الجوهرة قال الرملي‏:‏ فظاهره أنها إذا لبسته قائمة يبطل، وفيه إشكال وهو أن القيام بانفراده مبطل اللهم إلا أن يراد به حكم اللبس فقط فلا مفهوم لقوله في الجوهرة أولبست ثيابا من غير أن تقوم ا هـ‏.‏ قلت الإشكال مبني على قول البعض، والأصح خلافه كما يأتي قريبا، والظاهر أن ما في الجوهرة المراد به ما في التتارخانية حيث قال وكذلك إذا لبست ثيابها من غير قيامها عن المجلس لا يبطل خيارها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وتكرار لفظ اختاري‏)‏ كون التكرار مفسرا لإرادة الطلاق مبني على قول من لم يشترط النية أما من اشترطها لا يجعل التكرار مفسرا للمراد فيلزمه أن لا يكتفي به عن ذكر النفس، والإلزام استعمال لفظ الاختيار مبهما بلا مفسر لفظي وهو خلاف الإجماع وسنذكر تمام تحقيقه فتدبر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهذا مخالف لما ذكرناه عن تاج الشريعة‏)‏ قال الرملي‏:‏ قال في النهر وذكر في العناية ما ذكره في التاجية بقيل، وفيه إيماء إلى ضعفه وهو الحق ا هـ‏.‏ وبهذا يندفع ما في شرح المقدسي حيث قال وأنت خبير بأنه إذا صدقها بعد المجلس على أنها نوت نفسها في المجلس كان اللفظ صالحا للإيقاع فيحمل كلام الكمال على غير ذلك بأن تصادقا على الطلاق مع الإطلاق فتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ يشير إلى أن لفظ أنا‏.‏ إلخ‏)‏ انظر ما المعلل بهذا التعليل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا حصر‏)‏ أي والحال أنه لا حصر للطلاق في المرتين

‏(‏قوله‏:‏ والحاصل أن المعتمد‏.‏ إلخ‏)‏ قال محشي مسكين ومال الشيخ قاسم إلى عدم الاحتياج للنية في القضاء وأما في الوقوع فيما بينه وبين الله تعالى فتشترط النية ا هـ‏.‏ قلت وقد أطال المقدسي في شرحه في هذا المحل ثم قال، فالتعويل على ما ذكر المصنف من عدم اشتراط النية وذكر النفس قضاء وأما ديانة فلا بد من النية ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويشكل على ما ذكره المؤلف من ترجيح اشتراط النية دون النفس أن التكرار إذا لم يكن دالا على إرادة الطلاق حتى اشترطت النية ينبغي أن يشترط ذكر النفس لأن من قال بعدم اشتراطه بناه على أن التكرار قائم مقام النفس في تعيين إرادة الطلاق فيلزم كون التكرار معينا وغير معين وهو تناقض وحينئذ فينبغي أن يقال إن من جعل التكرار قائما مقام ذكر النفس في تعيين إرادة الطلاق يقول لا تشترط النية وهو الذي ذكره المؤلف عن تلخيص الجامع الكبير ومن قال أنه غير قائم مقام النفس يقول لا بد من ذكرها أو ذكر ما يقوم مقامها في تعيين إرادة الطلاق كالاختيارة ونحوها ويلزمه القول بعدم اشتراط النية لوجود المعين في اللفظ إذ لا يصدق في القضاء بقوله لم أنو‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ نظرا إلى أن هذه الكلمة‏)‏ أي قولها اخترت الأولى‏.‏ إلخ فإن الأولى، والوسطى، والأخيرة كل منها اسم لمفرد مرتب‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد ذكر صدر الإسلام‏.‏ إلخ‏)‏ قال في النهر وما وقع في الهداية من أنه يملك الرجعة قال الشارحون أنه غلط من الكتاب، والأصح من الرواية فهي واحدة ولا يملك الرجعة لأن روايات المبسوط، والجامع الكبير، والزيادات وعامة نسخ الجامع الصغير هكذا سوى الجامع الصغير لصدر الإسلام فإنه ذكر فيه مثل ما ذكر في الكتاب كذا في العناية وأقول‏:‏ كيف يكون ما في الهداية غلطا من الكتاب، وقد علل المسألة بأن هذا اللفظ يوجب الانطلاق بعد انقضاء العدة فكأنها اختارت نفسها بعد العدة فالصواب كما في الشرح إطلاق كونه غلطا نعم ما وقع في بعض نسخ الجامع الصغير خال عن التعليل فكونه غلطا من الكتاب صحيح وما في البحر عن صدر الشريعة قال إن في المسألة روايتين في رواية تقع رجعية، وفي أخرى بائنة وهذا أصح وبه ظهر أن ما في الهداية هو إحدى الروايتين فقول من قال إنه غلط أو سهو مما لا ينبغي غلط لأن صدر الشريعة لا يعني أنهما روايتان عن الإمام وإنما أراد بالأولى رواية الجامع الصغير لصدر الإسلام، وفي هذا قال الشهيد إنها غلط من الكاتب وكيف يقول ذلك فيما هو مروي عن الإمام

‏(‏قوله‏:‏ لأنه لو كرر اختاري‏.‏ إلخ‏)‏ أي بأن قال اختاري اختاري اختاري بألف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأن لفظة الطلاق لم تكن في نفس الأمر‏)‏ المراد بالأمر الأمر الذي جعله في يدها أي لم تكن مذكورة فيه فليس المراد بنفس الأمر الواقع كما يتوهم‏.‏

فصل في الأمر باليد

‏(‏قوله‏:‏ حتى لو جعل أمرها بيدها ولم تعلم‏.‏ إلخ‏)‏ قال المقدسي في شرحه بعد نقله لما هنا وقال في الخلاصة عن الفتاوى الصغرى الأمر باليد لا يخلو إما أن يكون بيدها أو يد فلان مرسلا أو معلقا بشرط أو موقتا فإن كان مرسلا أو كان موقتا كان الأمر بيدها أو يد فلان ما دام الوقت باقيا علما بذلك أو لم يعلما أقول‏:‏ يمكن التوفيق بأن المراد بهذا علما وقت التفويض أو لم يعلما وعلما بمضي الوقت أو لم يعلما يدل عليه قول التجريد سواء علمت أول الوقت أو لم تعلم

‏(‏قوله‏:‏ وقيد بنية الثلاث لأنه لو لم ينو‏.‏ إلخ‏)‏ يخالفه ما في الخانية قالت‏:‏ اللهم نجني منك فقال الزوج أمرك بيدك ونوى به الطلاق ولم ينو العدد فقالت‏:‏ طلقت نفسي ثلاثا فقال الزوج نجوت لا يقع شيء في قول الإمام لأنه إذا لم ينو الثلاث كان كأنه قال لها طلقي نفسك ولم ينو العدد وقوله‏:‏ نجوت يحتمل الاستهزاء وتقع واحدة في قول صاحبيه‏.‏ ا هـ‏.‏ لكن سيذكر المؤلف في فصل المشيئة عند قوله لا في عكسه بعد نقله الفرع المذكور أنه مشكل على ما في المبسوط في مسألة الأمر باليد نقل أنه لو قال لها‏:‏ أمرك ينوي واحدة فطلقت ثلاثا وقعت واحدة عنده وذكره في المعراج، والعناية فإذا قال‏:‏ بيدك ولم ينو شيئا من العدد فطلقت ثلاثا كيف لا تقع الواحدة عنده بل الوقوع بالأولى ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي الخلاصة لو قالت في جوابه‏:‏ ملكت أمري‏)‏ في بعض النسخ ملكت نفسي أمري بزيادة لفظ نفسي ولم أجده في الخلاصة

‏(‏قوله‏:‏ لكن يرد على الأصل المذكور‏.‏ إلخ‏)‏ هذا وارد على عكسه وهو وقوله‏:‏ وما لا فلا ويرد على طرده نحو‏:‏ أنت مني طالق فإنه يصلح للإيقاع منه مع أنه لا يقع لو أجابت به كما ذكره المؤلف، وقد يجاب عن الثاني بأن ذلك لا يصلح للإيقاع منه لأن قولها أنت مني طالق كناية عن قولها زوجي زيد مني طالق فقابله يكون أنا منك طالق لا أنت مني طالق وبذلك لا يقع لأنه كناية عن قوله زوجك زيد منك طالق وهكذا يعتبر في نظائره ففي قولها أنت علي حرام ونحوه يقع لأنه لو قال زوجك زيد عليك حرام أو أنا عليك حرام يقع لأن قولها أنت كناية عن الظاهر وكذا لو قالت طلقت نفسي يقع لأن قولها نفسي عبارة عن زينب مثلا، ولو قال طلقت زينب يقع وكذا قولها أنا منك طالق أو أنا طالق يقع لأنه لو أسند الطلاق إلى ما كنت عنه بقولها أنا يقع بخلاف أنت مني طالق فإنه لو أسنده إلى ما كنت به عنه لا يقع كما قلنا فليس المراد التعبير بما عبرت به بل إسناد الطلاق إلى ما أسندته إليه وإلا لم يقع في قولها أنا منك طالق‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهو مشكل لأنه من الكنايات‏.‏ إلخ‏)‏ أقول‏:‏ في عبارة جامع الفصولين ما يدفع الإشكال ونصها ‏"‏ قال لامرأته طلقي نفسك فقالت أنا حرام أو خلية أو برية أو بائن أو بتة أو نحوها فالأصل فيه أن كل شيء من الزوج طلاق إذا سألته فأجابها به فإذا أوقعت مثله على نفسها بعد ما صار الطلاق بيدها تطلق فلو قالت طلقني فقال‏:‏ أنت حرام أو بائن تطلق فلو قالته بعد ما صار الطلاق بيدها تطلق أيضا وقالت له طلقني فقال الحقي بأهلك وقال لم أنو طلاقا صدق ولا تطلق فلو قالته بعد ما صار الطلاق بيدها بأن قالت ألحقت نفسي بأهلي لا تطلق أيضا ا هـ‏.‏ وبيان ذلك أن ألحقت نفسي بأهلي من الكنايات التي تصلح للرد فلا يقع بها الطلاق إلا بالنية، ولو في حالة الغضب أو مذاكرة الطلاق بخلاف حرام بائن‏.‏ إلخ فإنه يقع حال المذاكرة بلا نية فإذا سألته الطلاق فقال أنت حرام وقع بلا نية فلو قاله وقع أيضا بخلاف الحقي بأهلك فإنه لا يتعين للإيقاع بعد سؤالها إلا بالنية فإذا قالته لا يقع هذا ما ظهر لي فتدبره‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ يسأل عن النية‏)‏ أي إن لم تكن دلالة حال ولذا قال المقدسي بعد ذكره ما مر من أنه لا بد من النية ديانة أو يدل الحال عليها قضاء، وما في البزازية يحمل على ذلك

‏(‏قوله‏:‏ وإن طلقت بعد ما مشت خطوتين لم تطلق‏)‏ قال المقدسي‏:‏ في شرحه، وفي العتابية، وإن مشت خطوة بطل أقول‏:‏ توفيقه أن ما في العتابية يحمل على ما إذا كانت رجلها فوق العتبة، والأخرى دخلت بها وما سبق على ما إذا كانت خارج العتبة فبأول خطوة لم تتعد أول الدخول فبالثانية تتعدى ويخرج الأمر من يدها

‏(‏قوله‏:‏ وغيرها لا يصير أمرها بيدها‏)‏ أي غير المدخول وسيأتي قريبا وجهه

‏(‏قوله‏:‏ والأصح أن القول قولها‏.‏ إلخ‏)‏ سيأتي تحرير هذه المسألة في باب التعليق عند قول المتن اختلفا في وجود الشرط فالقول له

‏(‏قوله‏:‏ يقع الرجعي ولا يسقط‏)‏ المهر، والنفقة أي لأنها صغيرة فلم يصح إبراؤها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي كلام الشارحين نظر‏.‏ إلخ‏)‏ عن هذا قال المقدسي في شرحه وهذا عجيب حيث جعلوه يبطل بما يدل على الرد، والإعراض من أكل وشرب ونوم وصريح الرد لم يجعلوه مبطلا ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ الذي يظهر أن لا نظر ولا عجب بل النظر، والعجب في كلام المؤلف ومن تابعه لأن بطلانه بما يدل على الإعراض، والرد إنما هو في المقيد بالمجلس وهو المطلق أما الموقت الذي الكلام فيه فلا يبطل بالقيام عن المجلس، والأكل، والشرب ونحوه ما لم يمض الوقت كما مر في التفويض ويأتي قريبا وكأنهما أخذا الإطلاق من ظاهر كلامهم وبالحمل على ما قلنا يظهر الأمر تأمل ثم رأيت في البدائع ما هو صريح فيما قلت‏:‏ ولله تعالى الحمد وعبارته، ولو قالت‏:‏ اخترتك أو لا أختار الطلاق خرج الأمر من يدها لأنها صرحت برد التمليك وأنه يبطل بدلالة الرد فبالصريح أولى هذا إذا كان التفويض مطلقا عن الوقت فأما إذا كان موقتا فإن أطلق الوقت بأن قال أمرك بيدك إذا شئت أو متى شئت فلها الخيار في المجلس وغيره حتى لو ردت الأمر لم يكن ردا إلا أنها لا تملك أن تطلق إلا واحدة، وإن وقته بوقت خاص بأن قال‏:‏ أمرك بيدك يوما أو شهرا أو اليوم أو الشهر لا يتقيد بالمجلس ولها الأمر في الوقت كله، ولو قامت من مجلسها أو تشاغلت لا يبطل ما بقي شيء من الوقت بلا خلاف لأنه لو بطل بإعراضها لم يكن للتوقيت فائدة وكان الموقت وغيره سواء‏.‏ غير أنه إن ذكر اليوم أو الشهر منكرا فلها الأمر من ساعة تكلم إلى مثلها، ولو معرفا فلها الخيار في بقيته‏.‏ ولو قالت‏:‏ اخترت نفسي أو لا أختار الطلاق ذكر في بعض المواضع على قول أبي حنيفة ومحمد يخرج الأمر من يدها في جميع الوقت وعند أبي يوسف يبطل خيارها في ذلك المجلس ولا يبطل في مجلس آخر وذكر في بعضها الاختلاف على العكس

‏(‏قوله‏:‏ ووفق بأن الخروج‏.‏ إلخ‏)‏ قال في النهر وأصله ما مر من أن البائن لا يلحق البائن إلا إذا كان معلقا ا هـ‏.‏ وفي شرح المقدسي قال في الخلاصة قال السرخسي قال لامرأته اختاري ثم طلقها بائنا بطل الخيار وكذا الأمر باليد ولو رجعيا لا يبطل أصله أن البائن لا يلحق البائن فلو تزوجها في العدة أو بعدها لا يعود الأمر بخلاف ما إذا كان الأمر معلقا بشرط ثم أبانها ثم وجد الشرط، وفي الإملاء لو قال‏:‏ اختاري إذا شئت أو أمرك بيدك إذا شئت ثم طلقها واحدة بائنة ثم تزوجها واختارت نفسها عند أبي حنيفة تطلق بائنا وعند أبي يوسف لا قال الإمام السرخسي قوله‏:‏ ضعيف ا هـ‏.‏ فظهر بذلك قوة ما وفق به في جامع الفصولين فإن قلت نفس الاختيار فيه معنى التعليق فينبغي أن لا يكون فرق قلنا الفرق بين التعليق الصريح وما فيه معنى التعليق ظاهر لا يخفى على من عنده نوع تحقيق ولبعضهم هنا كلام يغني النظر إليه عن التكلم عليه ا هـ‏.‏ والظاهر أن مراده به المؤلف

‏(‏قوله‏:‏ ثم رقم بح إن تزوجها قبل انقضاء العدة فالأمر باق‏)‏ ظاهر في أن المراد من قوله لا يبقى في ظاهر الرواية أنه لا يبقى بعد ما تزوجها فيخالف ما مر من تقييده قوله‏:‏ وظاهر الرواية أنه يبطل لقوله لا بمعنى بطلانه بالكلية لما قدمناه‏.‏ إلخ تأمل

‏(‏قوله‏:‏ فلا يصح التوفيق بأنه يبقى إذا كان معلقا‏)‏ قال في النهر‏:‏ بعد ما نقل التوفيق المذكور عن العمادية أن ما في القنية مشى على إطلاق ظاهر الرواية، وقد علمت أنه مقيد والتوفيق سهو ا هـ‏.‏ وقد علمت أيضا تأييده بما مر عن الخلاصة

‏(‏قوله‏:‏ ثم المفوض إليها بائنا‏)‏ أي طلق المرأة التي جعل أمرها في يد الأخرى وقوله‏:‏ يصير أمرها بيدها أي بيد الأخرى أي يعود كما كان تأمل‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ ولو جعل أمر امرأته بيد امرأة أخرى ثم طلقها بائنا أو خلعها لا يبطل الأمر، وفي التتارخانية مثل ما في البزازية لكن عبر بدل قوله يصير أمرها بيدها بقوله لا يخرج الأمر من يدها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولها أن تختار نفسها في الغد عند أبي حنيفة‏)‏ قال في النهر‏:‏ أنت خبير بأن الفرع لا يخلو عن احتياج إلى تأمل وجهه إذ مقتضى كونه أمرا واحدا أن يبطل خيارها في الغد كما قاله المصنف ثم رأيته في الدراية وجه قول الإمام بأن الأمر باليد تمليك نصا تعليق معنى فمتى لم يذكر الوقت فالعبرة للتمليك ومتى ذكره فالعبرة للتعليق انتهى كلام النهر قال بعض الفضلاء ومثال ما إذا لم يذكر الوقت أمرك بيدك ومثال ما إذا ذكره أمرك بيدك اليوم وغدا أو أمرك بيدك إلى رأس الشهر لكن هذا يقتضي أن يبقى الأمر بيدها في الغد إن اختارت زوجها اليوم في أمرك بيدك اليوم وغدا وليس كذلك فالتناقض بحاله فتأمل ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ووجهه في البدائع بأنه جعل الأمر بيدها في جميع الوقت فإعراضها في بعضه لا يبطل خيارها في الجميع كما إذا قامت عن مجلسها أو اشتغلت بأمر يدل على الإعراض ثم ذكر بعد هذا ما نصه‏:‏ ولو قال أمرك بيدك اليوم وغدا أو قال أمرك بيدك هذين اليومين فلها الأمر في الوقتين تختار نفسها في أيهما شاءت ولا يبطل بالقيام عن المجلس ما بقي شيء من الوقتين وهل يبطل خيارها زوجها فهو على ما مر من الاختلاف ا هـ‏.‏ فقد أفاد أن الاختلاف جار في المسألتين فلا تناقض وممن صرح بالخلاف في مسألة اليوم، وغدا الولوالجي في فتاويه فذكر أنها لو ردت الأمر في اليوم يبقى في الغد، وفي الجامع الصغير لا يبقى وعليه الفتوى

‏(‏قوله‏:‏ وقال أبو يوسف خرج الأمر‏)‏ قال في التتارخانية‏:‏ وفي الخانية أو ردت الأمر أو قالت لا أختار الطلاق خرج الأمر من يدها في قول أبي حنيفة ومحمد وعلى قول أبي يوسف يبطل الأمر في ذلك المجلس لا في مجلس آخر، وفي بعض الروايات ذكر الخلاف على عكس هذا، والصحيح هو الأول ا هـ‏.‏ فما هنا من حكاية الخلاف على غير الصحيح وذكر في البدائع مثل ما مر غير أنه لم يذكر التصحيح، وقد قدمنا عبارته

‏(‏قوله‏:‏ فإنه يقتضي صحة إضافة الإبراء‏)‏ قال المقدسي في شرحه أقول‏:‏ بعد أن ذكر أنه تأجيل معنى وليس بإبراء محض لا برد ذلك‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولبس ثوبها من غير قيام‏)‏ تقدم الكلام فيه عند قوله فإن قامت أو أخذت في عمل آخر

‏(‏قوله‏:‏ فالأول يدل على الإعراض‏)‏ ظاهره أن المراد به عتق عبد الزوج وأن المراد بالثاني عتق عبد غيره وهو مخالف لما قدمه قريبا عن الخانية ولقوله سابقا وما لو بدأت بعتق عبد‏.‏ إلخ لكن في النهر، ولو جعل أمرها وأمر عتق العبد بيدها فبدأت بالعتق قيل إن كان عبد زوجها كان إعراضا وإلا لا ا هـ‏.‏ وعبارة الفتح قبيل التعليق، ولو قال لها‏:‏ طلقي نفسك وقال لها آخر‏:‏ أعتقي عبدك فبدأت بعتق العبد خرج الأمر من يدها، ولو كان الآمر بالعتق زوجها فبدأت بالعتق لا يبطل خيارها في الطلاق

‏(‏قوله‏:‏ أما إذا كان معلقا بشرط‏.‏ إلخ‏)‏ نص عبارة الولوالجية الجملة في الأمر باليد لا يخلو إما أن يكون بيدها أو يد فلان وكل ذلك لا يخلو إما أن يكون مرسلا أو معلقا بالشرط، وإن كان مرسلا إما أن يكون معلقا بالوقت أو مطلقا فإن كان موقتا بوقت فالأمر بيد فلان وبيدها ما دام الوقت قائما علم فلان أو هي أو لم يعلم فإذا مضى الوقت ينتهي علم أو لم يعلم، والقبول الذي يذكر ليس بشرط لكن إذا رد المفوض إليه يجب أن يبطل، وإن كان مرسلا لكن مطلقا فإنما يصير الأمر في يد المفوض إليه إذا علم بذلك فيكون الأمر في يده في ذلك المجلس، والقبول في ذلك المجلس ليس بشرط لكن إذا رده يرتد، وإن كان معلقا بالشرط فإنما يصير الأمر بيده إذا جاء الشرط فإن كان الأمر المعلق مطلقا يصير في يده في مجلس علمه، والقبول في ذلك المجلس ليس بشرط لكن يرتد بالرد ا هـ‏.‏ فتأمله، وفي البدائع جعل الأمر باليد لا يخلو إما أن يكون منجزا أو معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت، والمنجز لا يخلو إما أن يكون مطلقا أو موقتا فإن كان مطلقا بأن قال أمرك بيدك فشرط بقاء حكمه بقاء مجلس علمها بالتفويض فما دامت فيه فهو بيدها سواء قصر أو طال فإن قامت عنه بطل وكذا إن وجد منها قول أو فعل يدل على الإعراض، وإن كان موقتا فإن أطلق الوقت كأمرك بيدك إذا شئت أو إذا ما أو متى شئت أو متى ما فلها الخيار في المجلس وغيره حتى لو ردت الأمر أو قامت من مجلسها أو أخذت في عمل آخر تطلق نفسها في أي وقت شاءت، وإن وقته بوقت خاص كأمرك بيدك يوما أو شهرا أو اليوم أو الشهر لا يتقيد بالمجلس‏.‏ ولو قامت أو تشاغلت بغير الجواب لا يبطل ما بقي شيء من الوقت بلا خلاف، وإن كان معلقا بشرط فلا يخلو إما أن يكون مطلقا عن الوقت أو موقتا فإن كان مطلقا كإذا قدم فلان فأمرك بيدك فقدم فهو بيدها إذا علمت في مجلسها الذي يقدم فيه لأن المعلق بالشرط كالمنجز عند الشرط، وإن كان موقتا كإذا قدم فلان فأمرك بيدك يوما أو اليوم الذي يقدم فيه فلها الخيار في ذلك الوقت كله إذا علمت بالقدوم ولا يبطل بالقيام عن المجلس وهل يبطل باختيارها زوجها فهو على ما ذكرناه من الاختلاف، وإن كان مضافا إلى الوقت كأمرك بيدك غدا أو رأس الشهر فجاء الوقت صار بيدها وكان على مجلسها من أول الغد ورأس الشهر ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أما لو خيرها وهي قاعدة في البيت فقامت بطل‏.‏ إلخ‏)‏ قد مر عند قوله فإن قامت أو أخذت في عمل آخر أن بطلانه بمجرد القيام قول البعض، والأصح أنه لا بد أن يكون معه دليل الإعراض‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا بعد زوج آخر‏)‏ أي إذا كانت استوفت الثلاث لما في البدائع، وإن بانت بواحدة أو ثنتين فتزوجت بزوج آخر ثم عادت إليه فلها إن تشاء الطلاق مرة بعد أخرى حتى تستوفي ثلاث طلقات في قولهما خلافا لمحمد وهو قول الشافعي بناء على أن الزوج الثاني هل يهدم ما دون الثلاث أم لا‏.‏

فصل في المشيئة

‏(‏قوله‏:‏ وقيد بخطابها لأنه‏.‏ إلخ‏)‏ فيه نظر فإن الخطاب موجود في مسألة الخانية أيضا فكان عليه أن يقول قيد بقوله نفسك‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ يعني إن أبنت نفسي يصلح جوابا لطلقي‏)‏ هذا ظاهر في أنه لا يتوقف على إجازة الزوج لصدوره جوابا للأمر بالتطليق وأما ما يأتي عن التلخيص فهو فيما إذا قالت أبنت نفسي ابتداء لا جوابا للأمر كما هنا، وإن أشكل عليك فارجع إلى ما كتبناه عن شرح التلخيص في أول باب التفويض وعبارة الهداية هكذا ولو قال لها طلقي نفسك فقالت أبنت نفسي طلقت، ولو قالت قد اخترت نفسي لم تطلق لأن الإبانة من ألفاظ الطلاق ألا ترى أنه لو قال أبنتك ينوي الطلاق أو قالت أبنت نفسي فقال الزوج قد أجزت ذلك بانت فكانت موافقة للتفويض في الأصل إلا أنها زادت فيه وصفا فيلغو ويثبت الأصل بخلاف الاختيار لأنه ليس من ألفاظ الطلاق ألا ترى أنه لو قال لامرأته خيرتك أو اختاري ينوي الطلاق لم يقع، ولو قالت ابتداء اخترت نفسي فقال الزوج قد أجزت لا يقع شيء انتهت فما في الدر المختار لا يخفى ما فيه فتنبه

‏(‏قوله‏:‏ أو ثلاثا فطلقت واحدة‏)‏ أي وبخلاف ما لو قال طلقي ثلاثا فطلقت واحدة

‏(‏قوله‏:‏ لأن المخالفة في الأصل‏)‏ قال في الفتح في الأولى ظاهر وكذا في الثانية لأن الإيقاع بالعدد عند ذكره لا بالوصف على ما تقدم فيكون خلافا معتبرا بخلاف ما نحن فيه لأنها خالفت في الوصف بعد موافقتها في الأصل فلا يعد خلافا إذ الوصف تابع

‏(‏قوله‏:‏ والأمر لا يصلح تفسيرا للأمر‏)‏ قال البزازي بأن قال أمرك بيدك فقالت أمري بيدي وقوله‏:‏ لأن إقامة التعزير في الأول غير مفوض إليه ليس هنا محله بل ذكره قبيل هذه المسألة في مسائل الضرب بغير جناية وكأنها وقعت في نسخته على الهامش فظن المؤلف أن موضعها هنا أو الغلط من الكاتب لنسخته‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأنه لا يصح تعليق الإجازة‏)‏ أي التي تضمنتها الوكالة، وقد مر جواب النهر

‏(‏قوله‏:‏ ولو قال أنه يمكن‏.‏ إلخ‏)‏ أي لو قال صاحب الفتح في استدلاله على أنه لا حاجة إلى ترتبه على معنى التعليق أنه يمكن مثله فيما لو وكل أجنبيا بالطلاق فإن التعليق هنا ممكن مع أنه يصح الرجوع‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإنه لا يقتصر على المجلس في الجميع‏)‏ ينبغي تحرير هذا الكلام فراجعه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو جمع بين إن وإذا‏.‏ إلخ‏)‏ سيعيد ذكر هذا الكلام بزيادة عند قول المصنف الآتي أنت طالق متى شئت أو متى ما‏.‏ إلخ

‏(‏قوله‏:‏ في حق هذا الحكم‏)‏ أي في كونه يتقيد بالمجلس فهو مرتبط بقوله ثم اعلم أن التفويض إليها‏.‏ إلخ

‏(‏قوله‏:‏ وفي الأمر بالتطليق وكيلة‏)‏ أي في صورة ما إذا لم يقيد بالمشيئة كما هو فرض المسألة وإلا كان تمليكا أيضا كما يأتي

‏(‏قوله‏:‏ لعدم رضاها‏)‏ أي وقت الوقوع‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهو سهو يظهر بأدنى تأمل‏.‏ إلخ‏)‏ قال في النهر لا نسلم أن الوكالة معلقة بمشيئته لاتصافه بها قبل مشيئة البيع ولا وجود للمشروط دون شرطه وإنما المعلق فعل متعلقها واعتبار التوكيل بالبيع غير صحيح لأن الأول قابل للتوكيل بخلاف الثاني فكيف يعتبر به ا هـ‏.‏ ولا يخفى ما فيه فإن المعلق بالمشيئة على كلام المتعقب إنما هو الوكالة لا البيع وعلى هذا فما معنى قوله لاتصافه بها قبل مشيئة البيع‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فاحتاج إلى الفرق‏)‏ أقول‏:‏ لعل الفرق ما مر من أنه تمليك

‏(‏قوله‏:‏ فعلى هذا لا بد من التقييد بالعقل‏)‏ تأمله مع ما يأتي أواخر هذه السوادة عن البزازية من قوله التوكيل بالطلاق تعليق الطلاق بلفظ الوكيل ولذا يقع منه حال سكره إلا أن يجاب بأن هذا لا ينافي اشتراط العقل لصحة التوكيل ابتداء‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأنها لما ملكت إيقاع الثلاث‏.‏ إلخ‏)‏ قال الرملي‏:‏ يقتضي أنه في مسألة ما إذا قال لها طلقي نفسك ونوى ثلاثا فطلقت ثنتين تقع ثنتان لأنها ملكت أيضا إيقاع الثلاث فكان لها أن توقع منها ما شاءت ولم أر من نبه عليه ويدل عليه قولهم فيها أنه لا فرق بين ما إذا أوقعت الثلاث بلفظ واحدة وبين ما إذا أوقعتها متفرقة فإنا عند التفريق قد حكمنا بوقوع الثانية قبل الثالثة فلو اقتصرنا على الثانية تقع الثنتان فقط فلو لم تملك الثنتين لما جاز التفويض تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولعله إن أجاز الزوج يقع وإلا فلا‏)‏ قال الرملي‏:‏ كيف يصح ذلك مع سوق الخلاف بين الإمام وصاحبيه ومسألة الفضولي مجمع عليها هذا لا يصح بل لفظة واحدة وقعت سهوا من الكاتب، والمسألة مذكورة في غالب الكتب وهي المتقدمة قريبا عن كافي الحاكم تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فيحتاج إلى الفرق بين قول الوكيل‏.‏ إلخ‏)‏ ذكر في الشرنبلالية عن الشلبي ما يفيد التسوية بينهما ونصه قوله‏:‏ فقالت طلقت نفسي واحدا بائنا قيد به كما قال الشيخ الشلبي محله ما إذا قالت طلقت نفسي بائنة أما إذا قالت أبنت نفسي لا يقع شيء فاغتنم هذا القيد فإنك لا تجده في شرح من الشروح ولله الحمد على ما وهب ا هـ‏.‏ كلامه‏.‏ ا هـ‏.‏ ما في الشرنبلالية، وفي حاشية مسكين ما يفيد أن الشلبي أخذ التقييد بذلك من تقييد الخانية الوكيل به ثم قال وتعقبه شيخنا بأنه مخالف لما سبق في المتن من قوله وبأبنت نفسي طلقت لا باخترت يعني فيما إذا قال لها‏:‏ طلقي نفسك كما ذكره الشارح وذكر الشارح عقبه أن عدم الوقوع رواية عن الإمام فيكون ما ذكره قاضي خان مخرجا على هذه الرواية ا هـ‏.‏ قلت إن ثبت أنه مخرج على ذلك لا يحتاج إلى ما يذكره المؤلف من وجه الفرق فليراجع

‏(‏قوله‏:‏ موقوفة على وجود النقل‏)‏ قال في النهر‏:‏ ما في الخانية صريح في أن الوكيل يكون مخالفا بإيقاعه بالكناية

‏(‏قوله‏:‏ إلا أن يقال أنه مستفاد مما قبله‏)‏ انظر ما محل هذا الاستدراك

‏(‏قوله‏:‏ وهي واردة على الكتاب‏)‏ قال الرملي‏:‏ وقد يقال لا ترد لانصرافه إلى المنجز دون المعلق تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإن فيه الوجود‏)‏ كذا في النسخ، والظاهر أن فيه تحريفا، والأصل فإنه فيه الموجود أي فإن الشيء في العرف هو الموجود، والمشيئة مأخوذة منه فتنبئ عن الوجود وعبارة الفتح فتوجيهه أن يعتبر العرف فيه يعني يكون العرف العام أن الشيء الموجود، والمشيئة منه

‏(‏قوله‏:‏ وهو سهو‏.‏ إلخ‏)‏ قال الرملي ليس بسهو لأنه لا بد في المشيئة من النية كما ذكره الزيلعي لأنه المشيئة، وإن كانت تنبئ عن الوجود إلا أنه لا بد فيه من النية لأنه قد يقصد وجوده وقوعا، وقد يقصد وجوده ملكا إذ لا يقع بالشك، وفي قوله شيئي طلاقك يحتمل أوجديه ملكا فكيف يحكم عليه بالسهو بما في المحيط وهو قول آخر، وقد قدم أنه يستفاد منه أنه لو قال شئت طلاقك يقع بالنية‏.‏ والحاصل أن في المسألة روايتين فلا يحكم بالسهو على من تكلم مفرعا على أحدهما تأمل

‏(‏قوله‏:‏ ولم يصرح المصنف بالتقييد بالمجلس‏.‏ إلخ‏)‏ محل هذا بعد قوله‏:‏ وإن كان لشيء مضى طلقت إذ لا يقع شيء بما قدمه من المتن فلا فرق بين ما يكون في المجلس أو في غيره تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وجوابه أن هذا، وإن كان تعليقا لكن أجروه مجرى التمليك في جميع الوجوه فيتقيد بالمجلس ويبطل بما يدل على الإعراض‏)‏ قال المقدسي‏:‏ لا يخفى أن محصل الجواب أنهم تسامحوا وجعلوا تعليق الطلاق بمشيئتها، ونحوها في حكم التمليك لكونها إذا شاءت وقع فكأنها ملكته وهذا لا ينفي ما حققه في الفتح، وفي النهر وهذا بعد أن الكلام في متى شئت سهو ظاهر يرشد إليه قول المصنف ولا يتقيد بالمجلس ا هـ‏.‏ وأجاب قبله عن التعقب بأن هذا بالنظر إلى صورته أما بالنظر إلى معناه فتمليك لأن المالك هو الذي يتصرف عن مشيئته وإرادته لنفسه وهذه كذلك‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلها أن تفرق الثلاث خلافا لمحمد‏)‏ أقول‏:‏ مقتضى التعليل المذكور أولا أن يقال خلافا لهما لأن ما يأتي في مسألة الهدم هو أن الزوج الثاني يهدم ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث وهذا عندهما فإذا طلقت واحدة أو أكثر ثم عادت إليه بعد زوج آخر عادت إليه بملك جديد لأن الزوج الثاني هدم ما ملكه الأول في العقد السابق، وعند محمد يهدم الثلاث فقط لا ما دونها فلو طلقت واحدة أو ثنتين ثم عادت إلى الأول بعد زوج آخر عادت إليه بما بقي بالعقد الأول فإذا كان التعليق ينصرف إلى الملك القائم فلها أن تفرق ما بقي لأنه كان قائما وقت العقد بخلاف ما إذا طلقت نفسها ثلاثا فإنها تعود إليه بثلاث حادثة بعد التعليق وهذا عند محمد أما عندهما فإنها تعود بثلاث حادثة بالملك الجديد سواء كان الطلاق ثلاثا أو أقل فلا يمكنها أن تطلق بالتخيير السابق ثم رأيت المحقق في فتح القدير أورد في باب التعليق ما استشكله ثم أجاب عنه حيث قال عند قول الهداية‏:‏ وإن قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا وطلقها ثنتين‏.‏ إلخ وأورد بعض أفاضل أصحابنا أنه يجب أن لا يقع إلا واحدة لقولهم إن المعلق طلقات هذا الملك، والفرض أن الباقي من هذا الملك ليس إلا واحدة فكان كما لو طلق امرأته ثنتين ثم قال لها أنت طالق ثلاثا فإنما يقع واحدة لأنه لم يبق في ملكه سواها‏.‏ والجواب أن هذه مشروطة، والمعنى أن المعلق طلقات هذا الملك الثلاث ما دام ملكه لها فإذا زال بقي المعلق ثلاثا مطلقة كما هو اللفظ لكن بشرط بقائها محلا للطلاق فإذا نجز ثنتين زال ملك الثلاث فبقي المعلق ثلاثا مطلقة ما بقيت محليتها وأمكن وقوعها وهذا ثابت في تنجيزه الثنتين فيقع، والله أعلم ا هـ‏.‏ قلت وأصل هذا مأخوذ من قول الزيلعي عند قوله‏:‏ ويبطل تنجيز الثلاث تعليقه لأن الجزاء طلقات هذا الملك فقال فإن قيل يشكل هذا بما إذا طلقها طلقتين ثم عادت إليه بعد زوج آخر فدخلت حيث تطلق ثلاثا وأجاب بأن المحل باق بعد الثنتين إذا المحلية باعتبار صفة الحل وهي قائمة بعد الطلقتين فتبقى اليمين، وقد استفاد من جنس ما انعقد عليه اليمين فيسري إليه حكم اليمين تبعا، وإن لم ينعقد اليمين عليه قصدا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقيد بإضافة المشيئة إلى العبد‏)‏ أي إلى المخلوق وهو الزوجة هنا‏.‏

باب التعليق

‏(‏قوله وتعبيره بالتعليق أولى إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ فيه نظر لأنه إنما لم يحنث لأنها ليست يمينا عرفا، وهذا لا ينافي كونها يمينا في اصطلاح الفقهاء، ومن ثم قال في الدراية‏:‏ اسم اليمين يقع على الحلف بالله تعالى، وعلى التعليق، ووجهه في الفتح بأن اليمين في الأصل القوة، وسمي الحلف يمينا لإفادته القوة على المحلوف عليه، ولا شك في إفادة تعليق المكروه للنفس على أمر بحيث ينزل شرعا عند نزوله قوة الامتناع عن ذلك الأمر، وتعليق المحبوب لها على ذلك الحمل عليه فكان يمينا، نعم التعليق في الحقيقة إنما هو شرط وجزاء فإطلاق اليمين عليه مجاز لما فيه من معنى السببية فكان التعبير بالتعليق أولى‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت لكن مفاد هذا أن التعليق يسمى يمينا إذا كان على أمر مكروه أو محبوب فقط ليفيد تأكيد الامتناع أو الحمل بخلاف التعليق على الحيض أو مجيء الغد، ونحو ذلك، تأمل‏.‏ وقال المؤلف في أول كتاب الأيمان، وظاهر ما في البدائع أن التعليق يمين في اللغة أيضا قال لأن محمدا أطلق عليه يمينا، وقوله حجة في اللغة، وذكر في البدائع أن فائدة الاختلاف تظهر فيمن حلف لا يحلف ثم حلف بالطلاق أو العتاق فعند العامة يحنث، وعند أصحاب الظواهر لا يحنث‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله بخلاف إن دخلت أو إن حضت‏)‏ الأول ظاهر دون الثاني فتأمل

‏(‏قوله وفي تلخيص الجامع لو حلف إلخ‏)‏ تقدم شرح هذه المقالة في فصل إضافة الطلاق إلى الزمان‏.‏

‏(‏قوله بخلاف الحيض والمرض إلخ‏)‏ وجهه كما في الخانية أن الشرع لما علق بجملته أحكاما لا تتعلق بكل جزء منه فقد جعل الكل شيئا واحدا

‏(‏قوله وفي تلخيص الجامع من باب الاستثناء إلخ‏)‏ قدمنا حاصل شرح هذه المقالة أول فصل الطلاق قبل الدخول

‏(‏قوله وفتوى أهل بخارى عليه‏)‏ أي على أنه على المجازاة، وعبارته ونص بعضهم على أن فتوى أهل بخارى على المجازاة دون الشرط انتهت قلت، وفي الذخيرة نقلا عن بعض الفتاوى أن فتاوى أهل بخارى على أنه على المجازاة دون الشرط، والمختار والفتوى أنه إن كان في حالة الغضب فهو على المجازاة، وإلا فهو على الشرط‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في الفتاوى الخانية عن المحيط، وفي الولوالجية إن أراد التعليق دون المجازاة لا يقع ما لم يكن سفلة، وتكلموا في معنى السفلة عن أبي حنيفة رحمه الله أن المسلم لا يكون سفلة إنما السفلة الكافر، وعن أبي يوسف أنه الذي لا يبالي ما قال‏:‏ وما قيل له، وروي عن محمد أنه الذي يلعب بالحمام، ويقامر، وقال خلف أنه من إذا دعي إلى طعام يحمل من هناك شيئا، والفتوى على ما روي عن أبي حنيفة لأنه هو السفلة مطلقا ا هـ وفي المصباح القرطبان الذي تقوله العامة للذي لا غيرة له فهو مغير عن وجهه قال الأصمعي أصله كلتبان من الكلب، وهو القيادة، والتاء والنون زائدتان قال‏:‏ وهذه اللفظة هي القديمة عن العرب، وغيرتها العامة الأولى فقالت لطبان ثم جاءت عامة سفلى فغيرت على الأولى، وقالت قرطبان

‏(‏قوله ولو مثل بقوله أنت طالق إلخ‏)‏ أي ليكون مضافا لا تعليقا فيطابق قوله أو مضافا إليه قال في النهر، وأجاب في الفتح بأنه استعمل الإضافة في المفهوم اللغوي، وفي غيره، ولا يخفى أن الإيراد هنا ساقط كما قال الرملي نعم هو متوجه على ما في الهداية حيث قال باب الأيمان في الطلاق، وإذا أضاف الطلاق إلى النكاح يقع عقيب النكاح مثل أن يقول لامرأة إن تزوجتك فأنت طالق بخلاف ما هنا لأن وضع الباب للتعليق، وضمير يصح عائد عليه، وقوله مضافا حال منه‏.‏

‏(‏قوله وهو وإن كان ظاهرا لنا إلخ‏)‏ جواب سؤال مقدر، وأصله في الفتح حيث قال فإن قيل لا معنى لحمله على التنجيز لأنه ظاهر يعرفه كل أحد فوجب حمله على التعليق فالجواب صار ظاهرا بعد اشتهار حكم الشرع فيه لا قبله فقد كانوا في الجاهلية إلخ

‏(‏قوله وفي الظهيرية إنه قول محمد‏)‏ عبارة الظهيرية إذا عقد اليمين على جميع النساء فوقع الفسخ في امرأة هل يحتاج إلى الفسخ في امرأة أخرى قال أبو يوسف رحمه الله يحتاج، وقال محمد رحمه الله لا يحتاج، وقول أبي حنيفة رحمه الله كقول أبي يوسف قال الصدر الإمام الأجل الشهيد حسام الدين، وبقول محمد رحمه الله يفتى ا هـ‏.‏ وإنما نقلنا عبارة الظهيرية، وإن لم يكن فيها مخالفة لما هنا لأن بعضهم توهم أن قول المؤلف أنه قول محمد إلخ راجع إلى بطلان إضافة اليمين، وأن قوله كقول الشافعي، وليس كذلك بل هو رواية عنه كما يأتي عن الزاهدي

‏(‏قوله والتزوج فعلا أولى من فسخ اليمين‏)‏ قال في الظهيرية ثم الإجازة بالفعل أن يبعث إليها شيئا من المهر، ويدفع إليها فإن لم يدفع المأمور إليها هل هو إجازة أم لا لا رواية لهذا في الكتاب، وقيل إنه يكون إجازة، ولو دفع إليها، وقال هذا مهرك يكون إجازة بالقول وبالفعل، وقال المرغيناني إنه يكون إجازة بالقول، ولو قبلها أو لمسها بشهوة يكون إجازة بالفعل، ولكن يكره ذلك كالرجعة بالفعل، ولو خلا بها هل يكون إجازة ذكر السرخسي أنه يكون إجازة‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيها قبل هذا، وكذا الحيلة في حق من حلف كل امرأة تدخل في نكاحي فهي طالق ثلاثا إن الفضولي يزوجه امرأة ثم هو يجيز بالفعل فلا يحنث، وإن دخلت في نكاحه لأن دخولها فيه لا يكون إلا بالتزويج فيكون ذكر الحكم ذكر سببه المختص به فكأنه قال إن تزوجتها وبتزويج الفضولي لا يصير هو متزوجا بخلاف كل عبد دخل في ملكي يحنث بعقد الفضولي لأن ملك اليمين لا يختص بالشراء بل له أسباب سواه، وقال السرخسي والبزدوي يحنث في هذه الصورة

‏(‏قوله قلت قد اختلج إلخ‏)‏ حاصله أنهم وسعوا فيه لأن له أصلا في المذهب، وقال الرملي يعني أن أصحابنا يضنون بترك مذهبهم وتقليد غيرهم لكن حيث كان رواية عن محمد لم يخرج عن المذهب بالكلية‏.‏ ا هـ‏.‏ وكأنهم لم يبنوا الجواب عليها لاعتقادهم ضعفها أو ضعف ثبوتها عنه أو لكون القاضي لا يجوز له الحكم بغير المشهور من المذهب تأمل

‏(‏قوله وفي المحيط من باب عطف الشروط‏)‏ سيأتي مسائل تكرار الشرط بدون عطف تحت قوله، والملك يشترط لآخر الشرطين

‏(‏قوله فإن طلقها ثم تزوجها وقع‏)‏ قال في الفتح، ووجهه أنه اعتراض الشرط على الشرط كقوله إن تزوجتك فأنت طالق إن دخلت الدار لا تطلق حتى يتحقق مضمون الشرطين

‏(‏قوله ولو قال إذا تزوجتك فأنت طالق، وأنت علي كظهر أمي إلخ‏)‏‏.‏

فرع يكثر وقوعه قال في السراج نقلا عن المنتقى قال إن تزوجت امرأة فهي طالق ثلاثا، وكلما حلت حرمت فتزوجها فبانت بثلاث ثم تزوجها بعد زوج آخر يجوز قال فإن عنى بقوله كلما حلت حرمت الطلاق فليس بشيء، وإن لم يكن أراد به طلاقا فهو يمين‏.‏ ا هـ‏.‏ شرنبلالية قلت، وقوله ليس بشيء لعل وجهه أن قوله وكلما حلت حرمت ليس بتعليق في الملك، ولا مضافا إليه لأنه لا يلزم من حلها أن يكون بعقد النكاح لجواز أن ترتد ثم تسترق تأمل أو يقال إنه لما تزوجها طلقت ثلاثا، وصارت أجنبية لأنه ينزل الطلاق أو لا فينزل قوله وكلما حلت حرمت بعد أن صارت أجنبية، وهو لغو لما قلنا تأمل

‏(‏قوله وتقع تطليقة أخرى يصرفها إلى أيتهما شاء‏)‏ فيه نظر فإن التي تزوجها على امرأته بانت بالتطليقة الأولى لأنها غير مدخول بها فكيف يخير في صرف الأخرى إليها، وعبارة الولوالجية فإذا تزوج امرأة انحلت اليمينان جميعا وقع باليمين الأولى على كل واحدة منهما تطليقة واحدة، وبالثانية تطليقة تصرف إلى أيهما شاء‏.‏

‏(‏قوله غير صحيح‏)‏ لأنه غير مضاف إلى ملك النكاح هذا التعليل غير ظاهر، وكأنه تكرار من الناسخ بل التعليل قوله لأنه لم يأمرهما إلخ تأمل

‏(‏قوله لا تطلق لأن التعليق لم يصح‏)‏ قال المقدسي يخالف ظاهر ما في الفتح، وقد كنت بحثت فيه بأنه ينبغي أن يقع إذا زوجه بأمره لأن التزويج إذا علق به الطلاق يراد به المسبب عنه، وهو الملك فكأنه قال إن ملكت امرأة بتزويجك فهي طالق، وهو صحيح فإذا وقع يقع طلاق المعلق به، وقد وجدت بحثي منقولا صحيحا في التتارخانية عن الخانية بعد نقل المسألة فلينظر‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت، وعبارة التتارخانية عن الخانية، ولو قال لوالديه إن زوجتماني امرأة فهي طالق فزوجاه امرأة بأمره قالوا لا تصح هذه اليمين، ولا تطلق، وقال الشيخ الإمام أبو بكر بن الفضل يصح، وتطلق، وهو الصحيح

‏(‏قوله ويزاد في إن فقط‏)‏ أي يزاد على التعريف المذكور لفظ فقط في التعليق بأن إما في غيرها فيقتصر على ما مر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والمعتبر من المانع وجوده‏)‏ لأنه ما يلزم من وجوده العدم فالمعتبر في المنع وجوده إذ لا يلزم من عدمه وجود، والشرط بالعكس فيلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود فالمعتبر عدمه، وأما السبب فيلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لكن هذا في المساوي، وإلا فقد يكون له أسباب فلا يلزم من عدم أحدها عدم تأمل

‏(‏قوله ومن مسائلها فرع غريب في المعراج إلخ‏)‏ سيذكر المؤلف في المقولة الآتية نقل ذلك عن الغاية أيضا، وإن الحق أنه أحد قولين، وقوله الأتي قريبا، والصحيح أن غير كلما لا يفيد التكرار يفيد ضعف هذا القول

‏(‏قوله ولو استشهد بقوله تعالى إلخ‏)‏ جواب لو محذوف دل عليه المذكور تقديره لكان ظاهرا، و نحو ذلك، وقوله فإن إذا في ذلك إلخ تفريع عليه، وعبارة الفتح قيل والأولى الاستشهاد بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا‏}‏ الآية حيث يحرم القعود مع الواحد في كل مرة فقد أفادت إذا التكرار لعموم الاسم الذي نسب إليه فعل الشرط، والأوجه أن العموم بالعلة لا بالصيغة فيهما من ترتب الحكم، وهو الجزاء في الأول، ومنع القعود على المشتق منه، وهو القتل والخوض فيتكرر به انتهت، وسيأتي ذكر هذا الفرع ثانيا في القولة التي بعد هذه، وإن الحق أن ما هنا على أحد القولين

‏(‏قوله وذكر المرادي في شرح الألفية أحد عشر موضعا‏)‏ نظمها في الفتح بقوله‏:‏ تعلم جواب الشرط حتم قرانه بفاء إذا ما فعله طلبا أتى كذا جامدا أو مقسما كان أو بقد ورب وسين أو بسوف ادر يا فتى أو اسمية أو كان منفي ما وإن ولن من يحد عما حددناه قد عتى

‏(‏قوله طلقت في الحال‏)‏ لعل وجهه أنه لما لم يعطف القسم على أنت طالق تمحض ما بعده لجواب القسم، وصار القسم فاصلا بين أنت طالق وبين جزائه المعنوي فلم يصلح للتعليق فوقع في الحال بخلاف ما إذا عطف القسم لأنه يصير قوله لا أفعل كذا جوابا لهما، ويكون أنت طالق للتعليق معنى نظير ما مر قريبا في أنت طالق لدخلت أو لا دخلت

‏(‏قوله ومنها ما لو قال إن لم أكن اليوم في العالم‏)‏ الظاهر أن لم زائدة من الناسخ، والصواب حذفها فليراجع ثم راجعت الفتاوى الصيرفية المعزو إليها هذا الفرع فرأيته إن أكن بدون لم‏.‏ ا هـ‏.‏ ومما أنشده الوزير ابن مقلة لما حبسه الراضي بالله سنة اثنين وعشرين وثلاثمائة قوله‏:‏

خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها *** فلسنا من الموتى نعد ولا الأحيا

إذا جاءنا السجان يوما لحاجة *** فرحنا وقلنا جاء هذا من الدنيا

‏(‏قوله لأن الصفة هنا‏)‏ قال الرملي أي في مسألتي كل وأي تأمل

‏(‏قوله بخلاف كل امرأة أتزوجها‏)‏ قال الرملي كما أن كلمة كل للعموم فكذا كلمة أي فقد صرحوا قاطبة بأنها من صيغ العموم، وممن صرح به ابن السراج، وصاحب جمع الجوامع، وقوله فإن العموم إنما هو من كلمة كل إلى قوله لأنه لا عموم لهما فيهما مخالف لصريح كلام محمد حيث قال كما نقله عنه البزدوي في أصوله لكنها متى وصفت بصفة عامة عمت بعمومها كسائر النكرات في موضع الإثبات، وقد ظهر لي أن الوجه في الجواب العرف يدل عليه ما نقله عن كافي الحاكم فليتأمل، والله تعالى هو الموفق ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ما ذكره لا يرد على المؤلف لأنه نقل تصريح الأصوليين بالفرق بين أي عبيدي ضربته، وأي عبيدي ضربك فيعلم من كلامهم أن أيا لا تكون للعموم إلا إذا وصفت بصفة عامة بخلاف كل فإنها للعموم وضعا، والفرق أن أيا بحسب ما تضاف إليه فتكون للزمان والمكان، ولمن يعقل، وما لا يعقل تأمل

‏(‏قوله لأنها لا عموم لها فيهما‏)‏ أي لا عموم للصفة، وهي أتزوجها فيهما أي في المثالين، وهما أي امرأة أتزوجها، وكل امرأة أتزوجها

‏(‏قوله وإن بشرته واحدة قبل الأخرى طلقت وحدها‏)‏ قال الرملي إنما كان كذلك لعدم تصور البشارة من غير السابقة لأنها اسم لخبر سار صدق، وليس للمبشر به علم عرفا

‏(‏قوله وبه علم أن قولهم إنها تعم إلخ‏)‏ قال الرملي يعني لتخلفه في صورة حملهم الخشبة جميعا مع إطاقة الواحد لها، وشربهم لماء الكوز جميعا مع إمكان شرب الواحد له، وسببه العرف

‏(‏قوله‏:‏ ولو قال المصنف إلا في كل، وكلما إلخ‏)‏ قال في النهر، وخص كلما، وإن كانت كل كذلك باعتبار بقاء اليمين لا تنتهي فيها بوجود الشرط بخلاف كل فإنها تنتهي في حق ذلك الاسم‏.‏ وبه تبين أنه لو قال إلا في كل، وكلما لا، وهم أن اليمين لا تنتهي بمرة فيهما، وقد علمت أن هذا مطلقا في كل غير صحيح لكن لما كان في كل عموم لا ينتهي بمرة باعتبار ما مر بينه بقوله كاقتضاء كل عموم الأسماء، وجعلها مشبها بها لأنها الأصل، وأدخل عليها ما، ولم أر من نبه على هذا، وبه عرف أن ما في البحر مدفوع

‏(‏قوله وحاصل ما ذهب إليه أبو يوسف إلخ‏)‏ كان الأنسب ذكر قوله قبل التخريج، وذكره في الفتح فقال وعن أبي يوسف في المنتقى إذا قال كلما تزوجت امرأة فهي طالق فتزوج امرأة طلقت فإن تزوجها ثانيا لا تطلق إلا مرة واحدة، ولو قال ذلك لمعينة كلما تزوجتك أو تزوجت فلانة تكرر دائما‏.‏ وقوله طلقت طلقتين، وعليه مهران ونصف‏)‏ قال في الولوالجية لأنه لما تزوجها أولا يقع عليه تطليقة، ووجب نصف مهر فإذا دخل بها، وجب مهر كامل لأنه، وطئ عن شبهة في محل، ووجبت العدة فإذا تزوجها ثانية وقعت تطليقة أخرى، وهذا الطلاق بعد الدخول معنى فإن من تزوج المعتدة، وطلقها قبل الدخول بها عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمه الله يكون هذا الطلاق بعد الدخول معنى فيجب مهر كامل فصار مهران ونصف فإذا دخل بها، وهي معتدة عن طلاق رجعي صار مراجعا، ولا يجب بالوطء شيء فإذا تزوجها ثالثا لم يصح النكاح لأنه تزوجها، وهي منكوحة‏.‏ ولو قال كلما تزوجتك فأنت طالق بائن، والمسألة بحالها بانت بثلاث تطليقات، وعليه خمس مهور ونصف على قولهما يخرج من الأصل الذي قلنا

‏(‏قوله ولو قال كلما وقع عليك طلاقي إلخ‏)‏ قال في النهر الفرق أن الشرط في الثانية اقتضى تكرر الجزاء بتكرر الوقوع فيتكرر غير أن الطلاق لا يزيد على الثلاث فيقتصر عليها، وفي الأولى اقتضى تكرره بتكرر طلاقه، ولا يقال طلقها إذا طلقت بوجود الشرط فيقع تطليقتان إحداهما بحكم الإيقاع، والأخرى بحكم التعليق

‏(‏قوله لأنه لا يعلم ما زاد على اليمين الواحدة‏)‏ أي فلم يتحقق إلا وجوب كفارة واحدة، وينبغي أنه لو كان الذي بعد الحلف بالله تعالى طلاقا معلقا بكلمة كلما أن يجب ثلاث كفارات للحال على رواية الجامع، وأما لو كان المعلق غير طلاق فلا تجب إلا واحدة تأمل‏.‏

‏(‏قوله لأن زوال إمكان البر المصحح للتعليق مبطل له‏)‏ أقول‏:‏ المصحح بالجر نعت لإمكان البر لأن شرط صحة التعليق إمكان البر فلو كان غير ممكن لم يصح التعليق، ولو زال الإمكان بعد وجوده أبطل التعليق فإمكان البر شرط الانعقاد، وشرط لبقائهما أيضا لكنه إنما يكون شرطا لبقائها إذا كانت مؤقتة كما يأتي ثم المراد بإمكان البر إمكانه عقلا، وإن استحال عادة، ولذا أجمعوا على انعقادها في حلفه ليصعدن السماء أو ليقلبن هذا الحجر ذهبا فإنه ممكن عقلا، وقد وقع الصعود لنبينا صلى الله عليه وسلم، ولعيسى، وإدريس عليهما السلام، وإنما لم تنعقد في حلفه ليشربن ماء هذا الكوز اليوم، ولا ماء فيه لعدم إمكانه أصلا فلم يوجد شرط انعقادها‏.‏ ولو كان فيه ماء تنعقد فإذا صب قبل غروب الشمس تبطل لأن ما صب لا يمكن شربه عقلا، ولا عادة فقد عرض زوال الإمكان فبطلت فلذا لم يحنث في الصورتين عند أبي حنيفة ومحمد، وحنث في مسألة الصعود عند أبي يوسف أيضا كما سيأتي في الأيمان

‏(‏قوله ثم نسياه حتى مضى الغد لا يحنث‏)‏ أي لأنه يتعلق على طلب الرجل قال في التتارخانية في المنتقى عن رجل دعا امرأته إلخ هل يقع الطلاق أم يتعلق بطلب الرجل فقال نعم، وسئل عنها الحسن بن علي فقال لا يقع‏.‏ ا هـ‏.‏، وسيأتي قريبا‏.‏

‏(‏قوله ففي حنثه قولان‏)‏ قال في الذخيرة في نوع السكنى لو منع من التحول، وأن يخرج بنفسه، ومنعوا متاعه، وأوثقوه، وقهروه أياما لا يحنث في يمينه لأنه مسكن لا ساكن، ولو أراد أن يخرج فوجد الباب مغلقا بحيث لم يمكنه الخروج فلم يخرج فقد اختلف المشايخ فيه بعضهم قالوا لا يحنث، وهو اختيار الفقيه أبي الليث، وبه أخذ الصدر الشهيد، وهذا بخلاف قوله إن لم أخرج من هذا المنزل اليوم فامرأته كذا فقيد، ومنع من الخروج حيث تطلق امرأته، وكذا لو قال لامرأته، وهي في منزل والدها إن لم تحضري الليلة منزلي فكذا فمنعها الوالد عن الحضور فإنها تطلق هو المختار، والفرق أن في قوله لا يسكن هذه الدار شرط الحنث هو السكنى، وإنما تكون السكنى بفعله إذا كان باختياره أما في قوله إن لم أخرج من هذا المنزل، وفي قوله إن لم تحضري الليلة منزلي شرط الحنث عدم الفعل، والعدم يتحقق بدون الاختيار ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وإنما يشكل مسألة العسس‏)‏ قال بعض الفضلاء أقول‏:‏ لا إشكال لأنه صدق عليه أنه ذهب فعدم الحنث لوجود البر، ويشهد له ما يأتي متنا في الأيمان لا يخرج أو لا يذهب إلى مكة فخرج يريدها ثم رجع يحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت، وسيأتي أيضا هناك عن القنية ما نصه انتقل الزوجان من الرستاق إلى قرية فلحقه رب الديون فقال لها اخرجي معي إلى حيث كنا فيه فأبت إلى الجمعة فقال إن لم تخرجي معي فكذا فإن كان قد تأهب للخروج فهو على الفور، وإلا فلا، وإن خرجت معه في الحال إلى درب القرية ثم رجعت بر في يمينه‏.‏ وإن أراد زوجها الخروج أصلا‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي قريبا في كلام المؤلف عن الخانية توجيه آخر لعدم الحنث في مسألة العسس

‏(‏قوله وكذا يشكل مسألة إن لم أعمل إلخ‏)‏ أقول‏:‏ يفهم من قوله فيما لو حلف لا يسكن إلخ أن المنع الحسي لا خلاف في عدم الحنث فيه بخلاف المنع بغير حسي كإغلاق الباب ففيه قولان، والمختار عدم الحنث أيضا كما نقلناه عن الذخيرة فيمكن أن يكون هذا الفرع مبنيا على خلاف المختار، وهو الفرق بين الحسي، وغيره فلذا قال لو مرض حنث، ولو حبسه السلطان لا يحنث لأن الحبس منع حسي بخلاف المرض تأمل

‏(‏قوله فالجواب أن قوله في القنية إلخ‏)‏ قال في النهر نقل في عقد الفوائد عن التجنيس ما حاصله لا أسكن في هذا البيت فأغلق الباب أو قيد المختار أنه لا يحنث فيهما، ولو قال إن لم أخرج من هذا المنزل فكذا فقيد، ومنع أو قال لها في منزل أبيها إن لم تحضري الليلة إلى منزلي فأنت كذا فمنعها أبوها حنث فيهما هو المختار للفتوى، والفرق أن شرط الحنث في الأول الفعل، وهو السكنى والإكراه يؤثر فيه، وفي الثاني عدم الفعل والإكراه لا يؤثر قال في العقد قلت‏:‏ وهذا معنى ما نقله بعض علمائنا الأصل في هذا الباب أن شرط الحنث إن كان عدميا، وعجز عن مباشرته فالمختار الحنث، وإن كان وجوديا، وعجز فالمختار عدم الحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ واعتبار هذا الأصل يفيد الحنث في مسألتنا إذ شرط الحنث فيها عدمي كما هو ظاهر، والله تعالى الموفق‏.‏ وهذا من المواضع المهمة فكن فيه على بصيرة ا هـ‏.‏ كلام النهر‏.‏ ونقل الرملي عن الفصولين ما يؤيده، ويخالف ما نقله المؤلف عن القنية حيث قال قال له مديونه لو لم أقضك مالك اليوم فكذا فتوارى الطالب فنصب القاضي عنه، وكيلا بطلب المديون ليقضي منه المال كي لا يحنث فقبض، وحكم به آخر قال لم يجز فهو كما ترى كالصريح في عدم بطلانها في الحادثة المذكورة إذ العجز كما يقع بعدم شيء مع المدين يقع بتواري الدائن، ولو بطلت بالعجز لما احتيج إلى نصب وكيل على القول بجوازه ثم نقل عن فتاوى المؤلف أنه أفتى بالحنث في مسألتنا مستندا إلى إمكان البر حقيقة، وعادة مع الإعارة بهبة أو تصدق أو إرث‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت، وما استشهد به المؤلف من كلام القنية لا يدل على ما قاله لأن المراد به العجز الحقيقي بأن كان غير متصور كما في مسألة الكوز، وإذا كان يحنث في قوله لأصعدن السماء اليوم لأنه ممكن عقلا، وإن استحال عادة فحنثه هنا بالأولى لأنه ممكن عقلا، وعادة

‏(‏قوله فعلى هذا يفرق بين كون الجزاء إلخ‏)‏ ينافي هذا ما يأتي قريبا عن المحيط من إنه لو قال إن قبلت امرأتي فلانة فعبدي حر فقبلها بعد البينونة يحنث لأن الإضافة للتعريف لا للتقييد إلا أن يفرق بين تعليق طلاقها، وغيره تأمل‏.‏

‏(‏قوله فعلى الأظهر قوله حلال الله علي حرام إلخ‏)‏ أي لأن حلال الله صار عبارة عن امرأتي لا عن أنت بلفظ الخطاب، وفيه نظر لأنه لو خاطبها بقوله حلال الله علي حرام صار عبارة عن أنت علي حرام، ولعل هذا وجه قوله في النهر فيه نظر ظاهر

‏(‏قوله والأظهر عندي أنه مثل امرأتي طالق‏)‏ قال في النهر، وفيه نظر ظاهر‏.‏ ا هـ‏.‏ ولم يبين وجهه أقول‏:‏ إن قول القنية، وقيل يقع، وهو الأظهر يفيدان المرجح اعتبار حالة التعليق لا حالة وجود الشرط، ولما قال إن فعلت كذا فحلال الله علي حرام كانت زوجته حلالا له، وإن بانت منه بفعل أحد الأمرين اعتبارا لحالة التعليق‏.‏ ويؤخذ من هذا أن كلام القنية السابق مبني على خلاف الأظهر، وهو اعتبار حالة وجود الشرط بقرينة التعليل بقوله لأنها ليست امرأته، وقت وجود الشرط أما على ما هو الأظهر من اعتبار حالة التعليق فينبغي أن تطلق لأنها كانت امرأته، ويدل على ترجيح اعتبار حالة التعليق ما ذكره بعده عن المحيط من الفرعين

‏(‏قوله‏:‏ والبطلان عنده لخروج المعلق عن الأهلية إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ الظاهر أنه لزوال ملكه بدليل عتق مدبريه، وأمهات أولاده، ويلزم على ما ادعاه أنه لو عاد ثانيا بعد الحكم بلحاقه، وهي في العدة، ووجد الشرط أن يقع، وإطلاقهم بطلان التعليق يقتضي عدمه، وأيضا خروج المعلق من الأهلية لا يوجب البطلان ألا ترى أنه لو علق عاقلا ثم جن فوجد الشرط حال جنونه وقع كما مر

‏(‏قوله باليمين لأن زوال الملك‏)‏ الظاهر أن هنا كلمة قيد ساقطة من الناسخ، والأصل قيد باليمين لأن إلخ لكن فيه نظر لأن قوله أمرك بيدك ليس بيمين بدون تعليق، وإذا كان معلقا لا يزول الأمر بزوال الملك كما هو صريح عبارة الفتح المذكورة‏.‏

‏(‏قوله طلقت الشابة في الحال‏)‏ حاصله أنه ما دامتا حيتين لا يقع شيء، وإن ماتت واحدة منهما تكون الباقية أطولهما حياة، ولا ينظر إلى السن كما في التتارخانية عن اليتيمة قال وأنشد لنا شعرا‏:‏

وإن حياة المرء بعد عدوه *** ولو ساعة من عمره لكثير

‏(‏قوله وقد جزم به في القنية‏)‏ ذكر فيها من باب التفويض ما نصه ع إن غبت عشرة أيام، ولم تصل إليك النفقة فالأمر بيدك ثم اختلفا بعد مضيها في وصول النفقة فالقول للمرأة ص مثله م على العكس‏.‏ ا هـ‏.‏ والرمز الأول للعيون والثاني للأصل والثالث للمنتقى

‏(‏قوله لكن صحح في الخلاصة والبزازية إلخ‏)‏ قال الرملي جزم هذا الشارح في فتاواه بما يقتضيه كلام أصحاب المتون، والشروح لأنها الكتب الموضوعة لنقل المذهب كما لا يخفى كذا ذكر في منح الغفار، وأقول‏:‏ قال في الفيض للكركي، والأصح أنه لا يكون القول قوله‏.‏ ا هـ‏.‏ وأنت على علم بأن المطلق يحمل على المقيد فيحمل إطلاق المتون على ما إذا لم يتضمن دعوى إيصال مال فتأمل، وفي فصول الأسروشني، ويكون القول قولها، وهو الأصح، وفي جامع الفصولين ذكر ثلاثة أقوال في المسألة، وجعل الثالث رامزا للذخيرة أن القول قولها في عدم الوصول إليها، والقول قوله في حق الطلاق، وأقول‏:‏ هذا القول عندي، وسط، والحاصل أن في المسألة كلاما كثيرا، وقد كتبنا أيضا شيئا على جامع الفصولين فليتأمل ا هـ‏.‏ وما اختاره المحشي هو ما عليه المتون كما لا يخفى لكن ما ذكره من أن الأقوال ثلاثة لا وجه له لأن صاحب جامع الفصولين ذكر القول الأول أنه يصدق الزوج لأنه ينكر الحكم ثم ذكر القول الثاني أنه لا يصدق ثم ذكر كلام الذخيرة، ولا يخفى أن القول الأول معناه أن القول للزوج في حق الطلاق لا في حق وصول النفقة إليه بدليل التعليل بقوله لأنه ينكر الحكم أي حكم التعليق، وهو الحنث بوجود الشرط أما كون القول له في وصول النفقة إليها أيضا فلا وجه له أصلا لأنها منكرة، والقول قول المنكر، ولا سيما إذا علق على عدم أداء الدين لدائنه في، وقت كذا فإنه لا يمكن أن يقال القول للحالف في الأداء كما لا يخفى على من له أدنى إلمام فعلم بهذا أن ما في الذخيرة تفصيل، وبيان لهذا القول لا قول ثالث، وهذا هو القول الذي ذكر المؤلف أنه ظاهر المتون، وأفتى به في فتاواه لكن أخر كلاما هنا يفيد ترجيح القول الآخر بناء على ما قاله العلامة قاسم من أن التصحيح الصريح أقوى من الالتزامي، وعلى ما قاله البرهان الحلبي في شرح المنية من أنه لو صرح بعض الأئمة بقيد لم يذكر غيره ما يخالفه يجب الأخذ به تأمل‏.‏

‏(‏قوله كما قدمناه في فصل الأمر باليد‏)‏ عبارته هناك، وإن ادعى وصول النفقة إليها، وادعت حصول الشرط قيل القول له لأنه ينكر الوقوع لكن لا يثبت وصول النفقة إليها، والأصح أن القول قولها في هذا، وفي كل موضع يدعي إيفاء حق، وهي تنكر

‏(‏قوله فيثبت كلا الأمرين إلخ‏)‏ أقول‏:‏ رأيت في نسختي القنية من هذا المحل مكتوبا على هامشها ما نصه هذا خلاف رواية الفصول فإنه قال لا تسمع البينة في هذا، والقول قول الزوج مع اليمين تأمل جدا ا هـ‏.‏ ما رأيته أقول‏:‏ وهذا هو الذي يظهر لأنهما اتفقا على أصل الحلف، واختلفا في القيد، وهو من غير ذنب، والزوج يدعي وجود القيد، وهي تنكره فكأنه يدعي بذلك عدم وقوع الطلاق، وهي تدعي وقوعه فالقول له، ويؤيده ما سيأتي عند قول المصنف، ولا في أنت طالق إن شاء الله حيث قال ويشمل ما إذا ادعى الاستثناء، وأنكرته فإن القول قوله وكذا في دعوى الشرط‏.‏

‏(‏قوله وبالطهر، وبقولها طهرت في حله‏)‏ كذا فيما رأيناه من النسخ، والظاهر أن الواو في قوله، وبقولها زائدة من قلم الناسخ لأن المعنى، وكما قبل إخبارها بالطهر بقولها طهرت في حل الجماع

‏(‏قوله والوجه ظاهر من الشرح‏)‏ قال فيه، والأصل فيه أن حيض جميعهن شرط لوقوع الطلاق عليهن، ولم تطلق واحدة منهن حتى ترى جميعهن الحيض، وإن حاضت بعضهن يكون ذلك بعض العلة، وهي لا يثبت بها الحكم فإن قلن جميعا قد حضنا لا يثبت حيض كل واحدة منهن إلا في حقها، ولا يثبت في حق غيرها إلا أن يصدقهن فيثبت في حق الجميع، وإن صدق البعض، وكذب البعض ينظر فإن كانت المكذبة واحدة طلقت هي وحدها لتمام الشرط في حقها لأن قولها مقبول في حق نفسها، وقد صدق غيرها فتم الشرط فيها، ولا يطلق غيرها لأن المكذبة لا يقبل قولها في حق غيرها فلم يتم الشرط في حق غيرها، وإن كذب أكثر من واحدة لم تطلق واحدة منهن لأن كل واحدة من المكذبات لم يثبت حيضها إلا في حق نفسها فكان الموجود بعض العلة، ولا تطلق واحدة منهن حتى يصدق غيرها جميعا

‏(‏قوله لأنه ثبت في حق المصدقة‏)‏ أي لأن الحيض ثبت في حق المصدقة دون حيض صواحبها فإنه لم يثبت في حقها لتكذيبهن بل ثبت حيضهن في حقهن فقط

‏(‏قوله ثم اعلم أن الموقع على الضرة إلخ‏)‏ قال الرملي لا ينافيه ما تقدم من قوله‏.‏ وما لا يعلم إلا منها إلخ إذ ذاك فيما إذا أشكل أمرها، وذا فيما لم يشكل بأن أخبرت في، وقت عدتها المعروفة لزوجها وضرتها، وشوهد الدم منها بحيث لم يبق شك تأمل

‏(‏قوله قلت بينهما فرق‏)‏ قال في النهر، وقد يفرق بينهما بأن إيلام الضرب القائم بها دليل ظاهر على كذبها بخلاف مجرد محبة العذاب فإنه لا دليل فيه على التيقن بكذبها

‏(‏قوله وقوله‏:‏ وإن كنا نتيقن بكذبها ممنوع‏)‏ مقتضى كلامه تسليم ما في الهداية فكان عليه أن يقول، وقوله كما لو قال إن كنت تحبيني إلخ ممنوع تأمل

‏(‏قوله لو قال أنت طالق إن لم تكن أمك تهوى ذلك إلخ‏)‏ قال الرملي فقد علم من هذه الفروع أنه إن علق بفعل الغير لا يصدق ذلك الغير عليه سواء كان مما لا يعلم إلا منه أم لا، ولا بد من تصديق الزوج فهما أو البينة فيما يثبت بها من الأمر الذي يعلم تأمل

‏(‏قوله وظاهره أنه لا يمين عليها‏)‏ أقره عليه في النهر، وهذا في القضاء ظاهر، وأما في الديانة فينبغي التفرقة بين الحيض والمحبة لأن تعلق الطلاق بإخبارها إنما هو في المحبة أما في الحيض فلا، ويدل عليه ما مر من أنها إن كانت كاذبة في الإخبار تطلق في التعليق بالمحبة، وفي التعليق بالحيض لا تطلق فيما بينه وبين الله تعالى إلى آخر ما مر فتدبر، وفي حواشي مسكين نقل الحموي عن رمز المقدسي أن عليها اليمين بالإجماع إذا ليس هذا من المواضع المستثناة من قولهم كل من قبل قوله فعليه اليمين‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت، ولا يخفى ما فيه كيف، وقد مر أن الشرع جعلها أمينة فيما تخبر به عن الحيض، والطهر، وإن المنظور إليه شرعا في حقها الإخبار به، وكذا ما يأتي من أنها لو أخبرت ثم رجعت لا يرتفع الطلاق فإن هذا كالصريح فيما ذكره المؤلف نعم يقيد في الحيض بالقضاء لا الديانة لما علمت تأمل

‏(‏قوله ثم قالت كان الطهر قبل الدم عشرة أيام‏)‏ أي فلا يكون هذا الدم حيضا لأن أقل الطهر الفاصل بين الحيضتين خمسة عشر يوما، وقوله بخلافه بعد إقرارها برؤية الدم أي إذا قالت رأيت الدم، ولم تقل حضت ثم قالت كان الطهر عشرة أيام فإنها تصدق لأن قولها رأيت الدم ليس إقرارا بالحيض فلم يكن ذلك رجوعا عن إقرارها

‏(‏قوله وفي الثاني نظر إلخ‏)‏ قال في النهر الظاهر أنه محمول على ما إذا لم تكن مدخولا بها، وعليه فلا إشكال

‏(‏قوله ولكن إذا طهرت يقع‏)‏ ظاهره أنه لا يحتاج إلى الإخبار ثانيا حالة الطهر لكن في التتارخانية عن الذخيرة عن الجامع، ولا يقع الطلاق إلا إذا أخبرت عند الطهر بعد انقضاء هذه الحيضة فحينئذ يقع الطلاق لإخبارها عما هو شرط وقوع الطلاق حال قيامها

‏(‏قوله لا تصدق حتى تحيض‏)‏ أي، ولا يتوقف على الطهر لأن الكلام فيما إذا قال لها إذا حضت بخلاف ما مر فإنها إذا أخبرت بحيضتها الثانية لا يقبل حتى تطهر لأنها مصورة فيما إذا قال إذا حضت حيضة، وهي اسم للكاملة تأمل

‏(‏قوله بخلاف ما إذا قدم أو مات‏)‏ الظاهر أن ما زائدة أو فيه سقط، والأصل بخلاف ما إذا قال إذا قدم أو مات فليراجع

‏(‏قوله وقع الثلاث تنزيها وثنتين قضاء‏)‏ قال في الفتح لأن الغلام إن كان أولا أو ثانيا تطلق ثلاثا واحدة به وثنتين بالجارية الأولى لأن العدة لا تنقضي ما بقي في البطن ولد، وإن كان آخرا يقع ثنتان بالجارية الأولى، ولا يقع بالثانية شيء لأن اليمين بالجارية انحلت بالأولى، ولا يقع بالغلام شيء لأنه حال انقضاء العدة، وتردد بين ثلاث وثنتين فيحكم بالأقل قضاء، وبالأكثر تنزها

‏(‏قوله وقعت واحدة قضاء، وثلاث تنزها‏)‏ قال في الفتح لأنه إن كان الغلامان أولا وقعت واحدة بأولهما، ولا يقع بالثاني شيء، ولا بالجارية الأخيرة لانقضاء العدة، وإن كان الجارية أولا أو وسطا وقع ثنتان بها، وواحدة بالغلام بعدها أو قبلها فتردد بين ثلاث، وواحدة

‏(‏قوله‏:‏ ولا يقع الطلاق ما لم تلد‏)‏ قال بعض الفضلاء ظاهره أن الطلاق يقع عقب الولادة مع أن الطلاق معلق بالحبل لا بالولادة، وتعليقه بالحبل يقتضي وقوعه بمجرد حصول الحبل بعد اليمين إلا إذا ولدت لأكثر من سنتين من وقت اليمين فشرطناه به فإذا ولدت ظهر أن الطلاق قد وقع من أول الحبل كما تقدم في مسألة استمرار الدم، ويدل على هذا قوله فالمستحب أن لا يطأها إلا باستبراء لتصور حدوث الحبل‏.‏

‏(‏قوله فلا ينافي اشتراطه وقت التعليق‏)‏ أي في صورة ما إذا لم يكن مضافا إلى الملك

‏(‏قوله ولا الشرط الثاني‏)‏ عطف على قوله لا يمكن أن يجعل الشرطان شرطا واحدا

‏(‏قوله‏:‏ وقيدنا بكون الأمرين تعلق الطلاق بهما‏)‏ أي حيث قال في صدر المقولة، وأراد من الشرطين أمرين يتعلق إلخ

‏(‏قوله واعتراض الكمال على الشارح إلخ‏)‏ قال في النهر دعواه أي المؤلف أن الشارح لم يجعله من تعدد الشرط كما فهمه في فتح القدير سهو، وذلك أنه قال بعد ذكر كلام المصنف يعني إذا كان الشرط ذا وصفين إلخ، وهو ظاهر في أن هذا من تعدد الشرطين، وكان العذر للشارح أنه لا يصح أن يراد كل شرطين لما يرد عليه ما إذا، وسط الجزاء فإنه حينئذ يشترط الملك لأولهما بخلاف كل شرط ذي وصفين فإن اشتراط الملك لآخره صحيح فتدبر‏.‏ ا هـ‏.‏ ويدل عليه أن المؤلف ذكر أولا أن المراد بالشرطين أمران يتعلق الطلاق بهما، ولا يقع بأحدهما سواء كانا شرطين حقيقة أو لا فقد أدخل بهذا التعميم مسألة الكلام في كلام المصنف فما في الشرح مبني عليه فقول المؤلف لا من قبيل تعدد الشرط فيه نظر لمخالفته لما مهده نفسه، وأما اعتراض الكمال على الشارح فهو مبني على اعتبار حقيقة الشرط كما يظهر من مراجعة كلامه

‏(‏قوله لأنه عطف الاسم على الفعل‏)‏ فيه نظر فتأمل

‏(‏قوله قلت الأولى أن يعود إلى الطلاق‏)‏ قال في النهر لا يخفى أن إضافة المصدر إلى فاعله هي الأصل

‏(‏قوله وفي فتح القدير، وأورد إلخ‏)‏ هذا وارد على قوله فلو طلقها ثنتين ثم عادت إليه بعد زوج آخر إلخ فكان المناسب ذكره هناك

‏(‏قوله لأن دوامه على ذلك فوق الخلوة بعد العقد‏)‏ قال في النهر، وهذا يشكل على ما مر إذ قد جعل لآخر هذا الفعل الواحد حكم على حدة‏.‏ ا هـ‏.‏ وأجاب بعضهم بأن ما مر مبني على ما هو المذهب عند محمد، وما هنا رواية كما يفيده التعبير بعن‏.‏ ا هـ‏.‏ والظاهر سقوط الإشكال من أصله لأن اعتبار آخر الفعل هنا من جهة كونه خلوة فأوجبت المهر، ولا يمكن اعتبار ذلك فيما مر لإيجاب الحد

‏(‏قوله وصوابه إن عنى الرجعي يقع إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ بل الصواب ما في القنية وذلك أن معنى كلامه أنت طالق أحد هذين وبهذا لا يكون الرجعي لغوا وإن نواه بخلاف ما إذا نوى البائن وأما البائن فليس لغوا على كل حال ا هـ‏.‏ قال بعض الفضلاء، وأنا أقول‏:‏ الحق ما في البحر لأنه إذا نوى الرجعي فجملة أنت طالق تفيده فكأن قوله رجعيا أو بائنا الذي هو بمعنى أحد هذين لغوا بخلاف ما إذا نوى البائن فإن تلك الجملة لا تفيده فلم يكن قوله رجعيا أو بائنا لغوا فإن قلت لما نوى البائن كان قوله رجعيا لغوا إذ كان يكفيه أن يقول أنت طالق بائنا‏.‏ قلت هو تركيب صحيح لغة وشرعا كما في إحدى امرأتي طالق وحيث كان مقصوده البائن وكان قوله أنت طالق غير مفيد للبائن فهو مخير بين أن يقول أنت طالق رجعيا أو بائنا وينوي البائن وبين أن يقول أنت طالق بائنا‏.‏ قوله كقوله يا طالق يا زانية فالاستثناء على الكل قال الرملي هنا غلط ولعله بعد قوله فالاستثناء عليه وإن كان لا يجب به حد ولا يقع به طلاق فالاستثناء على الكل إلخ ولم أجد هذا في نسخ البحر التي عندي، ولا في نسخ البزازية ولا بد منه ا هـ‏.‏ قلت وكذلك قوله وكذا أنت طالق يا صبية صوابه ولو قال أنت إلخ ويوضح الأمر، عبارة التتارخانية ونصها وفي نوادر بشر بن الوليد عن أبي يوسف إذا قال لها أنت طالق يا زانية ثلاثا إن شاء الله فالاستثناء على الآخر وهو القذف ويقع الطلاق وكذلك إذا قال لها أنت طالق يا طالق إن شاء الله تعالى ولو قال أنت طالق يا خبيثة إن شاء الله فالاستثناء على الكل ولا يقع الطلاق كأنه قال يا فلانة وذكر ثمة أصلا فقال المذكور في آخر الكلام إذا كان يقع به طلاق أو يجب به حد فالاستثناء عليه نحو قوله يا زانية ويا طالق وإن كان لا يجب به حد ولا يقع به طلاق فالاستثناء على الكل وذلك نحو قوله يا خبيثة انتهت‏.‏ واعلم أنا كتبنا أوائل فصل الطلاق قبل الدخول عن شرح التلخيص ما ملخصه أن قوله يا زانية إن تخلل بين الشرط والجزاء أو بين الإيجاب والاستثناء لم يكن قذفا في الأصح وإن تقدم أو تأخر كان قذفا وعن أبي يوسف لا يعد المتخلل فاصلا فيقع الطلاق للحال ويجب اللعان وعن محمد يتعلق الطلاق ويجب اللعان وجه ظاهر الرواية أن يا زانية وإن كان جزاء إلا أن المراد منه النفي دون التحقيق ولأنه نداء للإعلام فلا يفصل فيتعلق الطلاق فكذا القذف بالأولى لقربه فقد ظهر أن ما في البزازية والتتارخانية خلاف ظاهر الرواية، وعبارة متن التلخيص قدمها المؤلف أول باب التعليق

‏(‏قوله وذكر في النوادر خلافا إلى قوله انتهى‏)‏ قال الرملي هو بجملته منقول الخانية عن النوادر فقوله‏:‏ وعليه الاعتماد من كلام النوادر لا من كلام الخانية ا هـ‏.‏ وكتب قبله أقول‏:‏ وحيثما وقع خلاف وترجيح لكل من القولين فالواجب الرجوع إلى ظاهر الرواية لأن ما عداها ليس مذهبا لأصحابنا، وأيضا كما غلب الفساد في الرجال غلب في النساء فقد تكون كارهة له فتطلب الخلاص منه فتفتري عليه فيفتي المفتي بظاهر الرواية الذي هو المذهب، ويفوض باطن الأمر إلى الله تعالى فتأمل وأنصف من نفسك

‏(‏قوله أو ما شاء الله‏)‏ قال في النهر اعلم أن عدم الوقوع في ما شاء الله مسلم بتقدير كون ما مصدرية ظرفية لا ما إذا قدرت موصولا اسميا أي الذي شاء الله تعالى من الواقع واحدة أو ثنتين أو ثلاثة، ولا شك في أنت طالق المذكور هنا فصار كقوله أنت طالق كيف شئت كذا في الفتح، ولكنه إنما يتم بتقدير إرادة المقدار الذي شاء الله تعالى، وليس بمتعين لجواز أن يراد الطلاق الذي شاء الله تعالى، ومشيئته لا تعلم فلم يقع إذ العصمة ثابتة بيقين فلا تزول بالشك‏.‏

‏(‏قوله إلا في قوله طالق في علم الله‏)‏ قال في الفتح لأن في بمعنى الشرط فيكون تعليقا بما لا يتوقف عليه فلا يقع إلا في العلم لأنه يذكر للمعلوم، وهو واقع، ولأنه لا يصح نفيه عنه تعالى بحال فكان تعليقا بأمر موجود فيكون تنجيزا، ولا يلزمه القدرة لأن المراد منها هنا التقدير، وقد يقدر شيئا، وقد لا يقدره حتى إذا أراد حقيقة قدرته تعالى يقع في الحال كذا في الكافي، والأوجه أن يراد العلم على مفهومه، وإذا كان في علمه تعالى أنها طالق فهو فرع تحقق طلاقها، وكذا نقول القدرة على مفهومها، ولا يقع لأن معنى أنت طالق في قدرة الله إن في قدرته تعالى وقوعه، وذلك لا يستلزم سبق تحققه يقال للفاسد الحال في قدرة الله صلاحه مع عدم تحققه في الحال، وفيه أيضا أي في الكافي، وإن أضاف إلى العبد بفي كان تمليكا في الأربع الأول، وما بمعناه من الهوى، والرؤية تعليقا في الستة الأواخر، ولا يخفى أن ما ذكره في التنجيز بقوله في علم الله يأتي في قوله في إرادته ومحبته ورضاه فيلزم الوقوع بخلاف توجيهنا

‏(‏قوله وإن أتى بالباء إلخ‏)‏ قال في النهر الحاصل أن هذه المسألة أعني ما إذا لم يعلق بأن علي ستين وجها، وذلك أن كل واحد من هذه الألفاظ العشرة إما أن يضاف إلى الله تعالى أو إلى العبد، وكل وجه على ثلاثة لأنه إما أن يكون بالباء أو اللام أو بفي ا هـ‏.‏ وإذا ضربت هذه الستون في الأحوال الأربعة الآتية، وهي ما إذا تلفظ بالطلاق والاستثناء أو كتبها أو كتب الأول فقط أو بالعكس بلغت مائتين وأربعين، وبضم إن إلى الحروف الثلاثة تبلغ ثلاثمائة وعشرين، وربما بلغت أضعاف ذلك باعتبار تقديم المشيئة أو تأخيرها، وغير ذلك

‏(‏قوله لكونه إبطالا‏)‏ قال الرملي هو علة لصحة المشيئة مع تقديمها، وعدم الإيتان بالفاء، وقوله‏:‏ وعليه الفتوى أي على صحة المشيئة، وعدم الطلاق لا على عكسه الذي هو الوقوع، وعدم صحتها تأمل

‏(‏قوله وعليه الفتوى كما في الخانية‏)‏ كأنه عزاه إلى الخانية مجاراة لصاحب الفتح، وإلا فسيذكر قريبا أن القول بعدم الوقوع الذي عليه الفتوى مبني على أنه تعليق لا إبطال‏.‏

‏(‏قوله هذا ما يقتضيه ما في المتن‏)‏ أي متن المجمع قال في النهر يأباه قوله وهما تطليقا إذ مقابلة التعليق بالتطليق تقتضي عدم الوقوع على الأول، والوقوع على الثاني فنسبة صاحب الفتح الغلط إلى شرح المجمع بقوله، وهو غلط فاجتنبه الظاهر أنه واقع في المتن أيضا ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ يعني‏:‏ أن المتبادر من عبارة المجمع هو ما ذكر شارحه من أنه عند أبي يوسف تعليق فلا يقع، وعندهما تطليق فيقع منجزا لعدم صحة التعليق بسبب إسقاط الفاء، ولا يخفى أن صاحب المجمع حيث شرح متنه بذلك دل على أنه مراده لأن صاحب الدار أدرى، ومثله في شرح درر البحار فإنه صرح أولا بأن أبا يوسف يجعله تعليقا لأن المبطل لما اتصل بالإيجاب أبطل حكمه ثم قال وجعلاه تنجيزا لأنه لما انتفى رابط الجملتين، وهو الفاء هنا بقي قوله أنت طالق منجزا إلخ، وقال في التتارخانية، وإن ذكر الطلاق بدون حرف الفاء بأن قال إن شاء الله أنت طالق فهذا استثناء صحيح في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وفي الولوالجية، وبه نأخذ، وفي المحيط، وقال محمد هذا استثناء منقطع والطلاق واقع في القضاء، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى إن كان أراد به الاستثناء، وذكر الخلاف على هذا الوجه في القدوري، وفي الخانية لا تطلق في قول أبي يوسف، وتطلق في قول محمد، والفتوى على قول أبي يوسف‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وقد ذكر في الخانية قبل هذا في أوائل باب التعليق عكس ذلك حيث قال وثمرة الاختلاف تظهر في مسائل منها هذه، ومنها لو قال إن شاء الله أنت طالق وقع الطلاق في قول أبي يوسف لأن الشرط إذا تقدم على الجزاء لا يتعلق الطلاق إلا بحروف الجزاء فإنه لو قال لامرأته إن دخلت الدار أنت طالق يكون تنجيزا، وعلى قول محمد يصح الاستثناء تقدم أو تأخر لأن عنده الاستثناء إبطال، وليس بتعليق فيصح على كل حال ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وليس كذلك لما صرح به قاضي خان إلخ‏)‏ أنت خبير بأن ما ذكره موافق لقوله فظاهره أن الفتوى على عدم الوقوع إلخ فلا معنى للرد هنا فكان الأصوب أن يقول لما صرح به في البزازية إلخ

‏(‏قوله فقد ظهر بهذا أن أبا يوسف قائل بأنها يمين إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ أنت خبير بأن مقتضى الإبطال المقابل للتعليق عدم الوقوع فيما إذا قدم المشيئة فقوله في الفتح إلا أنه عزى إليه الإبطال أي المومي إليه بعدم الوقوع لا خصوص هذا اللفظ كما توهمه في البحر فجزم بأنه سهو، ولا يصح أن يخرج هذا على القول بالتعليق إذ لا يعرف ثبوته مع عدم الرابط فتعين أن يخرج على الإبطال فعليك أبدا بالتدبر في كلام هذا الإمام مخافة أن تزل بك الأقدام، وما في البزازية من أن الفتوى على قول الثاني من الحنث فيما إذا حلف لا يحلف مخرج على التعليق، وقد علمت أن بعض مشايخنا نسبه إليه، وما فيها أيضا أنت طالق إن شاء الله أنت طالق فالاستثناء ينصرف إلى الأول، ويقع الثاني، وقال زفر لا يقع شيء، وكذا أنت طالق ثلاثا إن شاء الله أنت طالق وقعت واحدة في الحال مبني على كل من القولين أعني التعليق والإبطال، وهذا لأن الجملة الثانية منقطعة عن الأولى، وتوهم في البحر بناء على ما سبق له من أنه يصح أن يوجد التعليق مع عدم الرابط، ولا يقع فقال ينبغي أن تكون الفتوى على قول زفر رحمه الله تعالى لما مر من عدم الوقوع في إن شاء الله أنت طالق، وأنت قد علمت ما هو الواقع‏.‏

‏(‏قوله ولكن فيه إشكال إلخ‏)‏ قال الرملي جوابه أن المقصود منه إعدام الحكم لا التعليق، وفي الإعدام لا يحتاج إلى حرف الجزاء بخلاف قوله إن دخلت الدار فأنت طالق لأن المقصود منه التعليق فلذلك افترقا، وقد فرق بذلك في الولوالجية في الفصل الثلاثين في الاستثناء فراجعه إن شئت، وما تقدم عن قاضي خان من قوله لكونه إبطالا صريح في الفرق أيضا‏.‏ ا هـ‏.‏ وعلى هذا فالإبطال مرادف للتعبير بالتعليق لأن المراد بالتعليق بالمشيئة إبطال الإيجاب السابق لكونه تعليقا على غير معلوم الثبوت، وبه يصح ما قاله في الفتح من نسبة الإبطال إلى ما في الخانية عن أبي يوسف

‏(‏قوله وينبغي أن يكون المفتى به قول زفر إلخ‏)‏ قال الرملي هذا من كلامه لا من كلام البزازي، ولا دلالة له فيما استدل لأنه فيما لو اقتصر على جزاء واحد كقوله إن شاء الله تعالى أنت طالق، ولا كذلك هنا، ويظهر الفرق للمتأمل ثم رأيت صاحب النهر أتى بمثل ما ذكرته فلله تعالى الحمد والمنة

‏(‏قوله وفي المحيط، ولو حرك لسانه بالاستثناء إلخ‏)‏ قال الرملي، وفي الولوالجية، وإذا حرك لسانه بالاستثناء صح إذا تكلم بالحروف سواء كان مسموعا أو لم يكن، وذكر في بعض المواضع أنه لا يعتبر الاستثناء ما لم يكن مسموعا ا هـ‏.‏ ففيه إشارة إلى أرجحية الأول تأمل ا هـ‏.‏ لكن صحح في البدائع ما ذكره الهندواني، وهو الموافق لما ذكروه في الصلاة‏.‏

‏(‏قوله فتعارضا صورة‏)‏ قال الرملي أي نفيا وإثبانا، وقوله ثم ترجح الثاني أي النفي، وقوله فيحكم أن المراد بالأول أي الذي هو العشرة، وقوله ما سواه أي ما سوى المستثنى الذي هو الثلاثة

‏(‏قوله فقال‏:‏ والخامس ما يؤدي إلى تصحيح بعض الاستثناء‏)‏ كان عليه أن يقول بعض المستثنى منه، وليس ما نقله عبارة الخانية بل هي هكذا، والخامس إبطال البعض كما لو قال إلخ

‏(‏قوله تمامه في البزازية‏)‏ كأنه يشير إلى ما قدمه المؤلف عنها قبيل الطلاق قبل الدخول من الأصل في الوصف فإنه إما أن يكون وصفا يليق بالمستثنى أو بالمستثنى منه أو بهما، وأنه تارة يكون وصفا أصليا، وتارة يكون زائدا، وقد ذكر ما يتفرع عليه هناك فراجعه، وذكره صاحب النهر هنا، وهو الأنسب‏.‏

باب طلاق المريض‏)‏‏.‏

‏(‏قوله وزاد في فتح القدير أن لا تقدر إلخ‏)‏ قال في النهر، ومقتضى الأول أنها لو قدرت على نحو الطبخ دون صعود السطح لم تكن مريضة، وهو الظاهر

‏(‏قوله وقد علم من كلامهم أنه لا يجوز إلخ‏)‏ قال في النهر فيه نظر لأن الشارع حيث رد عليه قصده لم يكن آتيا إلا بصورة الإبطال لا بحقيقته فتدبر‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد يقال لو لم يكن ذلك القصد محظورا لم يرده عليه الشارع كمن قتل مورثه

‏(‏قوله أطلق الرجعي ليفيد إلخ‏)‏ قال في النهر، وعندي أنه كان ينبغي حذف الرجعي من هذا الباب لأنها فيه ترث، ولو طلقها في الصحة ما بقيت العدة بخلاف البائن فإنها لا ترثه إلا إذا كان في المرض، وقد أحسن القدوري في اقتصاره على البائن، ولم أر من نبه على هذا

‏(‏قوله، وذكر في جامع الفصولين خلافا فيه‏)‏، وذلك حيث قال وسئل عمن أكره على التطليق في مرضه ثم مات قال ترثه إذ الإكراه لا يؤثر في الطلاق بدليل وقوع طلاق المكره، ولا رواية لهذا في الكتب قال وقال بعض الفقهاء ينبغي أن لا ترثه للجبر إذ ذكر أنه لو أكره على قتل مورثه فقتله يرثه لا المكره لو، وارثا، ولم يوجد منه القتل قال صط بعد ذلك لا ترثه فإني وجدت رواية في الفرائض تدل على عدم الإرث‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله صار فارا بالبيان إلخ‏)‏ قال في النهر، وعلى هذا فينبغي أنه لو حلف، وهو صحيح لكنه حنث، وهو مريض فبينه في واحدة أنه يكون فارا أيضا، ولم أره

‏(‏قوله إن علم الزوج بكلام المولى كان فارا، وإلا فلا‏)‏ ظاهر هذا أن الواقع عليها ثلاث طلقات في هذه الصورة إذ لا فرار في الرجعي ومقتضى ما مر في التعليق، ويأتي أيضا أول باب الرجعة من أنه لو قال لزوجته الأمة إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ثم أعتقها مولاها فدخلت وقع ثنتان، ويملك الرجعة أن يكون الواقع هنا أيضا ثنتين فليتأمل‏.‏

‏(‏قوله لأن المبطل للإرث إجازته‏)‏ قال في النهر وأنت خبير بأن هذا لا يجدي نفعا فيما إذا كان الطلاق في مرضه إذ دليل الرضا فيه قائم‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه نظر لأنها إنما رضيت بطلاق غير مبطل لحقها، ولا يلزم منه رضاها بما يبطله، وعبارة جامع الفصولين، وليس هذا كطلاق سؤالها إذ لم ترض بعمل المبطل إذ قولها طلقت نفسي لم يكن مبطلا بل يتوقف على إجازته فإذا أجاز في مرضه فكأنه أنشأ الطلاق ففر‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فخرج ما لو أكرهت على سؤالها الطلاق إلخ‏)‏ قال في النهر، وعرف منه أنه لو جامعها ابنه مكرهة فإنها ترث‏.‏ ا هـ‏.‏ ورده بعض الفضلاء بما يأتي آخر الباب عن البدائع من أن الفرقة لو وقعت بتقبيل ابن الزوج لا ترث مطاوعة كانت أو لا ا هـ‏.‏ فالجماع أولى ثم رأيت المسألة في جامع الفصولين، ونصه جامعها ابن مريض مكرهة لم ترثه إلا إن أمره الأب بذلك فينتقل فعل الابن إلى الأب في حق الفرقة فيكون فارا

‏(‏قوله فدخل ما لو قالت طلقني، ولم تزد عليه إلخ‏)‏ قال في جامع الفصولين قالت له في مرضه طلقني فطلقها ثلاثا فمات في العدة ترثه إذ صار مبتدئا فلا يبطل حقها في الإرث كقولها طلقني رجعيا فأبانها‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وينبغي أن لا ميراث لها لرضاها بالبائن‏)‏ هذا هو الظاهر، وهو مقتضى إطلاق المصنف بقوله سابقا، وإن أبانها بأمرها كما أشار إليه في النهر لكن ما في جامع الفصولين المذكور آنفا يفيد أنها ترث لأنه علل بقوله إذ صار مبتدئا أي أوقع شيئا لم تطلبه فكأنه أوقع الثلاث ابتداء بدون طلب تأمل‏.‏

‏(‏قوله واندفع به ما ذكره السروجي إلخ‏)‏ أي آخذا من مسألة الطلاق الآتية قريبا عن الذخيرة كما في النهر

‏(‏قوله وقد رده في فتح القدير بوجه آخر إلخ‏)‏ قال في النهر وأنت خبير بأن اعتزالها عنه في مرضه الذي هو زمان للرحمة، والشفقة ظاهر أيضا في خصومته، والإيصاء لها بالأكثر قد يكون طمعا في إبراء ذمته، وتذكيرا بسبق مودته، وقد قرر في العدة عند قول صاحب الهداية، ومشايخنا يعني مشايخ بخارى سمرقند يفتون في الطلاق أن ابتداءها من وقت الإقرار نفيا للتهمة والمواضعة ا هـ‏.‏ يعني‏:‏ فلا يصح إقرار المريض لها بالدين أو ليتزوج أختها أو أربعا سواها، وإذا كان مخالفة هذا الحكم بهذه التهمة فينبغي أن يتحرى به محال التهمة، والناس الذين هم مظانها، ولذا فصل السغدي حيث قال ما ذكر محمد من ابتدائها من وقت الطلاق محمول على ما إذا كانا متفرقين من الوقت الذي أسند الطلاق إليه أما إذا كانا مجتمعين فالكذب في كلامه ظاهر فلا يصدقان في الإسناد‏.‏ ا هـ‏.‏ وهذا كما ترى ظاهر في تحكيم الحال، وإذا ثبت التهمة، وكان ابتداؤها من وقت الإقرار على ما عليه الفتوى فينبغي أن لا تقبل الشهادة، ولا يجوز دفع الزكاة لها أيضا قلت والحاصل أن الذين قالوا إن الفتوى على أن العدة تعتبر من وقت الإقرار إنما قالوا ذلك لاتهام الزوجين بالمواضعة‏.‏ أما الذين اعتبروها من وقت الطلاق فإنما قالوا ذلك حيث لم تظهر تهمة يدل على ذلك ما في تصحيح الشيخ قاسم حيث قال في الهداية، ومشايخنا يفتون في الطلاق بأن ابتداءها من وقت الإقرار نفيا لتهمة المواضعة يعني أن مشايخ بخارى وسمرقند يفتون بأن من أقر بطلاق سابق، وصدقته الزوجة، وهما من مظان التهمة لا يصدقان في الإسناد، ويكون ابتداء العدة من وقت الإقرار، ولا نفقة، ولا سكنى للزوجة لتصديقها قال الإمام أبو علي السغدي ما ذكر محمد من أن ابتداء العدة من وقت الطلاق محمول على ما إذا كانا متفرقين من الوقت الذي أسند الطلاق إليه أما إذا كانا مجتمعين فالكذب في كلامهما ظاهر فلا يصدقان في الإسناد ا هـ‏.‏ كلام الشيخ قاسم، وبه ظهر أنه لا يفتي بأن ابتداء العدة من وقت الطلاق أو من وقت الإقرار حتى يحكم الحال فإن رأى المفتي التهمة ظاهرة أفتى بالثاني، وإلا أفتى بالأول، وهذا ما قاله السروجي من أنه ينبغي تحكيم الحال نعم ما ذكره السروجي من شهادة الخصومة بقصد التهمة غير ظاهر، ولذا بحث معه المحقق ابن الهمام في ذلك ثم لا يخفى أن الإفتاء بكون العدة من وقت الإقرار حيث ظهرت التهمة، وإنما هو في حق الوصية لكي لا تأخذ أكثر من ميراثها، ولا يلزم اعتبارها من وقت الإقرار في حق سائر الأحكام، ولذا لم تجب لها نفقة، ولا سكنى، وليس ذلك إلا بناء على وجوب العدة من وقت الطلاق فكذا يعتبر وجوبها من وقت الطلاق فيما لا تهمة فيه كالشهادة ودفع الزكاة لما علمت من التصريح سابقا بأنه لا عادة في المواضعة في هذه الأشياء‏.‏

‏(‏قوله بخلاف غلبة خوف الهلاك‏)‏ أي فإنها تكون في المبارزة لمن هو فوقه أو مثله فلذا كان الأولى أن يقال من يخاف عليه الهلاك غالبا، وكذا أطلق المصنف قوله ومن بارز رجلا إذ لو كان المعتبر كون الهلاك غالبا لقيده بكونه أقوى منه، وما ذكره المؤلف مأخوذ من الفتح، وهذا يقتضي أن الأولى أن لا يقيد المبارز بكونه أقوى منه كما فعل المصنف خلافا لما مشى عليه في التنوير نعم ذكر في النهر أن بعضهم قيد به بناء على اعتبار غلبة الهلاك

‏(‏قوله وأشار بقوله إن مات إلخ‏)‏ قال في النهر وفي قوله إن مات في ذلك الوجه أو قتل عليه دون أن يقول بذلك الوجه دلالة أنه لا فرق بين أن يموت بهذا السبب أو سبب آخر، ولذا قال في الأصل مريض صاحب فراش أبان امرأته ثم قتل ورثته، وما في البحر من أن تلاطم الأمواج قيده الإسبيجابي أن يموت من ذلك الموج أما لو سكن ثم مات لا ترث مما لا حاجة إليه لأنه في هذه الحالة لم يمت في ذلك الوجه بخلاف ما لو قدم للقتل بسبب من الأسباب المتقدمة ثم خلي سبيله ثم قتل أو مات فإنه مات في ذلك الوجه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفيه نظر فإنه لو قتل بعدما خلي سبيله لم يمت في ذلك الوجه فإن الوجه المشار إليه هو كونه قدم للقتل، وهو حالة غلبة الهلاك، وبعدما خلي سبيله زالت تلك فصار بمنزلة ما إذا سكن الموج ثم مات، ولكن ما ذكره في النهر والبحر تبعا فيه فتح القدير، ويخالفه ما في البدائع حيث قال ولو أعيد المخرج للقتل إلى الحبس أو رجع المبارز بعد المبارزة إلى الصف أو سكن الموج صار في حكم الصحيح كالمريض إذا برئ من مرضه‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وفيه نظر لأنها لما زالت لم يبق لها تعليق بماله‏)‏ أقول‏:‏ إن كانت زالت بالكلية ثم عادت فهذا ظاهر‏.‏ أما إذا كانت ذات نوبة فإنها إذا جاءت نوبتها يعلم أنها لم تزل لكن قد علمت مما مر أن المريض هو الذي يعجز عن القيام بمصالحه، ويفهم منه أنه إذا صار يقدر عليها زال مرضه فإن كان هذا المحموم عاجزا عنها فهو مريض، وإلا فلا نعم يشكل ما إذا عجز في يوم النوبة، وقدر في غيره، والظاهر أن هذا هو مراد ذلك القائل، وأنه أراد بأن الثانية تجعل عين الأولى أنه بالمعاودة علم أنها لم تزل فتجعل حمى واحدة، ولعل مراد صاحب المعراج أنه يجعل في يوم النوبة مريضا، وفي غير يومها غير مريض فكل نوبة عجز فيها ثم قدر بعدها زال حكمها فإذا جاءت نوبة أخرى عاد مريضا فيعطى حكمه إن مات فيها فإذا قدر زال حكمها، وهكذا، ونظيره الحامل إذا أخذها الطلق صارت مريضة إن اتصل به الموت فإذا سكن ثم جاء طلق آخر فقد زال الحكم الأول، وهكذا إلى أن يأخذها طلق يتصل به الموت كما مر فتأمل

‏(‏قوله وإن في البائن‏)‏ عطف على قوله إنه لا بد أن يكون المرض